الله الكاتب في بعض الطريق فوثب عليه وأرجله عن فرسه وانتهت أسبابه وأعتقل بالمنصورية أياما. ثم أمر المنصور بإطلاقه ورفع يده عن البلد ثم عاد الأمر إلى عبد الله فأمره بالقضاء ووجه الناس من شيوخ القيروان وغيرهم وتوجه معهم لرسم التهنئة والتعزية للمنصور فوصلوا إليه وسلموا عليه بمدينة أشير فقال لهم المنصور:(لقد شق على تعبكم في حركتكم غير أن سروري في رؤيتكم.) ثم شكر عبد الله الكاتب وذم فعل أخيه به ثم أمر عبد الله الكاتب أن يدفع للوافدين عليه عشرة آلاف دينار ضيافة. فدعوا له وانصرفوا. ثم استدعاهم بعد ذلك وقال لهم (أن أبي وجدي اخذ الناس بالسيف قهرا وآنا لا آخذهم ألا بالإحسان. وما أنا في هذا الملك ممن يولى بكتاب ويعزل بكتاب لأني ورثته عن آبائي وأجدادي وورثوه عن آبائهم وأجدادهم حمير!) أو كلاما هذا معناه ثم أمرهم بالانصراف مع عبد الله الكاتب فكانت مدة مسيرتهم ورجوعهم خمسة وثلاثين يوما.
وفي رجب قدم المنصور إلى رقادة فتلقاه عبد الله الكاتب في خلق عظيم من أهل القيروان فأظهر للناس الخير ووعدهم بكل جميل. وأتاه العمال بالهدية والأموال وأعطاه عبد الله هدايا جليلة. ثم أخذ المنصور في جهاز هدية بعثها إلى مصر مع زروال بن نصر. فقيل أن قيمة ما كان فيها من الأمتعة والدواب والطرف ألف ألف دينار عينا. وأقام المنصور برقادة فأمر بعمل سرج مكلل بالدر والياقوت فخرج به إلى العيد في أحسن زي وخرج إليه من القيروان خلق عظيم فصلى بالمصلى وخطب القاضي ابن الكومي وانصرف المنصور إلى قصره وولد سماه باديس بن المنصور ليلة الأحد لثلاث عشرة من ربيع الأول من هذه السنة.
وفيها أعطى المنصور لأخيه يطوفت العساكر ووجهه إلى مدينتي فاس