بقيت فيه حشاشة من الروح، فأخذه بعض رجاله، فنحروه وشق بطنه وأخرجت كبده، فشويت وأكلت. وأخذه عبيد المنصور، فشرحوا لحمه وأكلوه، حتى إذا لم يبق إلا عظامه متجردة وذلك يوم الثلاثاء لثلاث خلون من صفر. وقتل بسببه والي ميلة وجماعة من كتامة. ونزل بكتامة الذل والهوان. وبقيت ميلة خرابا. ثم عمرت بعد ذلك. ورحل أبو الفتح المنصور قافلا إلى المنصورية والقيروان، وفي هذه السنة. دخل الوادي إلى المنصورية وهدم دورها.
وفي سنة ٣٧٩، وصل إلى المنصور سعيد بن خزرون الزناتي من الغرب، فأعطاه وأرضاه وقال له يوما: يا سعيد هل تعرف من هو أكرم مني؟.؟ قال نعم قال: ومن هو؟ قال: أنا! قال له المنصور: ولم ذلك؟ قال: لأنك جدت عليّ بالمال وجدت أنا عليك بنفسي! فولى سعيدا هذا مدينة طبنة. وقدم عليه بعد ذلك جماعة من الزناتيين، وأكرمهم وأعطاهم، وزوج المنصور ابنته من ورو بن سعيد.
وفي هذه السنة، خالف أبو البهار بن زيري، فزحف إليه المنصور إلى تيهرت، ففر أبو الهار إلى الغرب. ودخل عسكر المنصور تبهرت فنهبوا وقتلوا، ثم أمنهم بعد ذلك. ورجع المنصور عن تبع عمه أبو البهار، وآوى على تبهرت أخاه يطوفت ومضى المنصور إلى مدينة أشير وكتب أبو البهار إلى ابن أبي عامر، يسأله الدخول في طاعته، وأن يكتب له إلى زيري بن عطية الزناتي صاحب فاس أن يكون مواليا ومصافيا لابن أبي عامر، فكتب ابن أبي غامر إلى أبي البهار: أن كنت على نية فيما وصفته عن نفسك، فارسل إلى ابنك، يكون رهينة عندي وأفعل عندك ما أحببته! فوجه إليه ابنه في مركب مع ميمون المعروف بابن الدابة كأبيه، فعطب المركب وماتا جميعا في البحر. فوجه إليه ولده الآخر، فوصل إليه فوجه ابن أبي عامر