المنصور نزار العزيز بالله العبيدي صاحب مصر في حوض الحمام وكانت به علة الحصى، وشرب دواء في الحوض، وأدركه أجله فيه، فمات. وولي مكانه أبو علي ولي عهده الملقب بالحاكم بأمر الله. وكان أبو مناد قد هيأ هدية ليبعثها للعزيز، فبرزت الهدية من المنصورية إلى رقادة مع جعفر بن حبيب لست خلون من رمضان. وكان العزيز بالله قد بعث سجلا إلى أبي مناد يأمره فيه برفع القاضي محمد بن عبد الله بن هاشم إلى مصر، فوصل السجل والقاضي مريض، فأمره أبو مناد بالخروج مع الهدية، فاعتذر بعده، فبعث إلى داره محمد بن أبي العرب وجماعة من رجال الدولة، وذلك لثلاث خلون من ذي القعدة، ووقف العسكر بباب أبي الربيع وظنوا أن أهل القيروان يمنعه منهم ويحولون بينه وبينهم فهجموا عليه، وحملوه ببساطه الذي كان مريض عليه في ثيابه التي يلبسها في داره، لأنهم فاجئوه وخرجوا به محمولا، وقد اجتمع عند داره خلق عظيم ولم ينق أحد منهم، ومشوا به إلى رقادة وخلفه غلام نصراني يمسكه، وأولاده وقرابته يمشون خلفه. واغتم بمسيره سائر الناس وظهر عليهم الحزن والأسف لفقده، وكثر الدعاء له والثناء عيه. ثم جاءت الأخبار بوفاة العزيز بالله، فأمر أبو مناد برجوعه إلى داره مكرما معظما وفي هذه السنة، مات أبو محمد بن أبي زيد - رحمه الله! - وفي سنة ٣٨٧، توترت الأخبار بموت العزيز بالله. وفيها رجع القاضي إلى داره، وهو مريض، فازداد مقداره عند الناس وفي صفر، عقد أبو مناد ولاية أشير لحماد ابن أبي الفتوح يوسف بن زيري بن مناد، فخرج عاملا عليها وأعطاه خيلا كثيرة وكسا جليلة، ثم اتسعت عمالته وكثرت عساكره وعظم شأنه، وفي ربيع الأخر وصل القاضي الباهري من مصر إلى المنصورية، فبرز أبو مناد بعساكره عليه، وخرج بجميع رجاله إليه، رأى ما لم ير مثله. ووصل المذكور بسجلين، فقرئا بجامع القيروان والمنصورية: أحدهما بولاية أبي مناد