عطية نازلا بموضع يقال له امسار، على مرحلتين من يتهرت، فزحفوا إليه. فكانت بينهم حرب شديدة وكان معظم عسكر حماد الوتلكاتيين، وكان قد أساء عشرتهم. فلما حمى الوطيس واشتد البأس، ولوا منهزمين، فاتبعهم جميع العساكر الأفريقية. فرام ابن أبي العرب رد الناس فلم يقدر فولت الهزيمة على الجميع، حتى وصلوا إلى أشير وقد أسلموا محلاتهم ومضاربهم، وكل ما فيها من الأموال والسلاح وغير ذلك، فاحتوى زيري بن عطية وإخوانه على جميع ما ذكرنا. وقتل منهم خلق كثير، وأخذ أسرى كثيرة، فوعدهم بجميل، ثم أطلقهم عند وصوله إلى تيهرت، فمضوا حتى وصلوا إلى أشير. وبقى ابن أبي العرب وحماد ويطوفت بأشير وبقى زيري ابن عطية الزناتي على تيهرت. وكانت هذه الوقعة والهزيمة يوم السبت لأربع خلون من جمادى الأولى منن هذه السنة. ووصل الخبر إلى المنصورية لعشر بقين منها، فخرج نصير الدولة صاحب أفريقية من المنصورية للقاء زيري بن عطية يوم السبت لليلتين خلتا من جمادى الآخرة، ورحل حتى وصل إلى طينة، فبعث في طلب فلفل بن سعيد بن خزرون الزناتي، وكان على طبنة، فخاف منه، وبعث يعتذر له، ويسأله أن يكتب له سجلا بولاية طبنة، فكتبه له، وبعث به إليه، ورحل عنه نصير الدولة باديس وتمادى في رحيله. فلما بلغ فلفلا أنه قد أبعد عنه ضرب على جهة من جهاته، فأكل ما حولها ونهب وافسد ومضى إلى باعاية، فحاصرها، وأفسد تلك الجهات كلها، واكل ما والاها، ونصير الدولة في هذا كله متماد على سيره حتى وصل أشير. ولما وصل إلى المسيلة، رحل زيري بن عطية عن تيهرت. فصمم إليه نصير الدولة. ثم وصله الخبر أنه توجه إلى ناحية فاس فعند ذلك رجع نصير الدولة إلى تيهرت وأشير، واستخلف يطوفت على تيهرت ابنه أيوب في أربعة آلاف فارس. وبلغ نصير الدولة ما فعل فلفل ابن سعيد، فأرسل من أشير عساكر تقدمت إليه، ثم رحل بعدهم ومعه أبو