للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورحل نصير الدولة من وادي شلف. قال الرقيق: ومن عجيب ما سمعناه عن مناخ وادي شلف أن شيخا كبيرا من البربر حدثنا أنه يعرف بزادي المحن، وأخذ يذكر لنا من هزم فيه ومن قتل فيه من ملوك زناتة. وكنا على ظهر الطريق، فبم نكتب ذلك، إلى أن قال: آخر من مات فيه زيري بن عطية، وآخر من هزم فيه حماد، وبه قتل يوسف بن أبي حبوس، وحمل منه معادلا لأخيه باديتان، ثم أمر به فدفن هناك.

وفي هذه السنة، مات ورد بن سعيد في شوال، فاختلفت كلمة الزناتيين ومالت فرقة مع خليفة بن ورو وفرقة مع خزرون، ابن عمه، وأرفع الله فيهم الشتات ذكر وفاة نصير الدولة باديس بن المنصور أنه لما كان يوم الثلاثاء لليلة بقيت من ذي القعدة، أمر بالتمييز فبرز كل قائد في عسكره. وجلس نصير الدولة في القبة وأمر أيوب بن يطوفت بالطواف على العسكر وحسابه، وانتظره حتى فرغ من حابها وعدها، فجاءه فعرفه بما سره وأبهجه، وانصرف إلى قصره. ثم ركب عشية هذا اليوم، وهو قد تناهى إقبالا، واستولى حسنا وجمالا. فلعبوا بين يديه. فكلما هز رمحا كسره وأخذ غيره. ثم عاد إلى قصره أفسح ما كان أملا، واشتد سرورا وجذلا، فطعم وشرب مع خاصته وقرابته، فعاينوا من طربه ما لم يعهدوه منه. فلما مضي نحو النصف من ليلة الأربعاء انقضاء ذي القعدة، قضى نحبه رحمه الله! وبعث في الوقت إلى حبيب بن أبي سعيد، وباديس بن حمامة، وأيوب بن يطوفت. فأعلموا بوفاته خاصة من بين جميع صنهاجة وغيرهم، فانصرفوا على أن يكتموا أمره حتى يجتمع رأيهم، وأصبح وجوه العساكر للسلام على عادتهم وليس عندهم خبر وقد عزموا أن يعرفوا أنه أخذ دواء، وتقدموا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>