للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة ٥١٧، في أواخر جمادى الأولى، وصلت أسطول الإفرنج إلى جزيرة الأحاسي، وخرج منهم إلى البر خلق كثير وابسطوا حتى بعدوا عن البحر أميالا. وفي اليوم الثاني، خاء إلى المهدية ثلاثة وعشرين شينيا، فعينوا العساكر والحشود ثم انصرفوا إلى الجزيرة، فوجدوا العرب قد انكشفوا من كان بها من الروم عن مواضعهم، ومزقوا مضاربهم فقويت نفوس المسلمين بذلك. وكان رجار قد أمر أسطوله أن يدخل تلك الجزيرة، ويأخذ قصر الديماس، وأن يسير الخيل والرجال من هنالك على تعبئة في البر إلى المهدية، لليلتين خلتا من جمادى الأولى، في أخر ليلة منه كبر المسلمون ودخلوا الجزيرة فانهزم الروم إلى أجفانهم، بعد ما قتلوا بأيديهم كثيرا من خيولهم. وأخذ المسلمون فيما يحتاجونه إليه نحو أربع مائة فرس، وآلات كثيرة وأسلحة. وأحاطت العساكر بقصر الديماس، تقاتله، وأهل الأسطول في البحر يعاينون ذلك، إلى أن طلب الروم الأمان من السلطان الحسن بن على بن يحيى بن تميم، فلم تساعد العرب على ذلك. وخرجوا من منتصف جمادى الآخرة ن فأخذتهم السيوف، وقتلوا عن أخرهم. وكان عدد الأجفان نحو ثلاثمائة، وعدد لخيل فيها نحو ألف فارس.

أخبر أبو الصلت قال: أخبرني عبد الرحمن عبد العزيز قال: رأيت على باب رجار بصقلية رجرا من الإفرنجة طويل الحية يتناول طرف لحيته بيده، ويقسم بالإنجيل أنه لا يأخذ منها شعرة حتى يأخذ ثأره من أهل المهدية فسألت عنه، فقيل لي أنه لما انهزم، جذب بها حتى أدمته. إلى أن انتهى كلام ابن الصلت في أخبار المهدية وأميرها الحسن بن علي بن يحيى ابن تميم إلى سنة ٥١٧ وبقى الحسن بن علي ملكا للمهدية وبلاد تلك الجهات إلى سنة ٥٤٣. ثم خرج باستيلاء صاحب صقلية عليها.

وفي سنة ٥١٨، استفحل أمر المهدية والموحدين بالمغرب وأمير أفريقية الحسن بن علي بن يحيى. ومات في هذه السنة العزيز بالله صاحب بجاية، وولى

<<  <  ج: ص:  >  >>