ابن السوداء!) يريد ابن حريث. فدل عليه، وقتلا جميعا. وكان ابن حريث يقول:(لو أن دماء أهل الشام سقيت، لشربتها في قدح!) فلما استخرج من تحت الرحى ليقتل، قال له أبو الخطار:(يا ابن السوداء! هل بقى في قدحك شيء لم تشربه؟) ثم قتلا. وأتى بالأسرى؛ فقعد لهم الصميل، وضرب أعناقهم جميعا.
ثم أتبع الله الأندلس بعد ذلك بالوباء والموت في السنة الثانية، حتى كاد الخلق أن ينقرض منها.
وولي يوسف عن (رضى من) عامة الجند من مضر ويمن والشام؛ فصفت له الأندلس بعد يوم شقندة، وخلصت له القلوب والأنفس. وعاد الصميل بن حاتم قائده الأعلى، وقدحه المعلى، يقرب منه ما شاء، ويدفع عنه ما ساءه، إلى أن تمكن بالدولة، وتملك رقاب تلك الجملة. فشرق به يوسف وقلق، وخشي من جانبه وأرق؛ فرأى أن يبعده من مكانه، ويوليه بعض سلطانه؛ فولاه سرقسطة وبلادها سنة ١٣٣؛ فكان فيها إلى أن قام عليه فيها الحباب بن رواحة من بني زهرة بن كلاب؛ فحاصره مدة من سبعة أشهر. وقعد يوسف عن إغاثته، واعتذر بشدة الأندلس في ذلك الوقت ومجاعته، رغبة في تلافه وهلاكه، وحرصا على الراحة منه لاستحواذه واستملاكه، إلى أن اجتمع قومه بالبيرة وجيان، وساروا إلى نصرته، وتفريج كربته.
وقيل إن الذي قام على يوسف بسرقسطة تميم بن معبد الزهري وعامر العبدري. فغزاها يوسف في سنة ١٣٨؛ فكان عليها، إلى أن دخل عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس.
وفي سنة ١٣٠، كانت وقعة شقندة، واجتمع على يوسف. وكان يوم ولايته ابن خمس وسبعين سنة؛ وملك تسع سنين. وكان قبل ولايته معتزلا في بادية، من أهل الديانة والإظهار للخير.