وكَمْ قَدْ تعسفتُ من سَيْسَبٍ ... وجاوَزتُ بعد دُروبِ دُرُوبا
وادَّرعُ النَّقْعَ حتى لَبِستُ ... من بَعْدِ نَضْرةِ وَجهي شُحُوبا
ألاقِي بوجهب سموم الهجِيرِ ... وقد كادَ مِنْه الحَصَى أن يَذُوبا
أنا ابن الهِشامَين مِن غالبٍ ... أشُبُّ حُرُوبا وأطِفْي حُرُوبا
وَبي أدَّرَكَ الله دينَ الهُدَى ... فأحْيُيْتُهُ واصطلَمْتُ الصَّلِبا
سموتُ إلى الشِرْكِ في جَحفَل ... مَلأتُ الحُزُونَ بِهِ والسُّهُوبَا
وفي سنة ٢٢٦، غزا بالصائفة إلى جليقية من بلاد العدو مطرف بن عبد الرحمن؛ فتوسط بسيطهم، وذهب بنعمتهم؛ وكان القائد عبد الواحد بن يزيد الإسكندراني.
وفي سنة ٢٢٧، خرج، عبيد الله بن عبد الله صاحب الصوائف؛ فلما حصل بين أربونة وسرطانية، تجالب الأعداء من كل ناحية، وأحاطوا بالعسكر ليلا؛ فقاتلهم المسلمون الليل كله؛ فلما انبلج الضوء، أيد الله المسلمين، وهزم الأعداء.
وفي سنة ٢٢٨، خرج الأمير عبد الرحمن بنفسه إلى أرض العدو، وخلف في القصر ولده المنذر، وجعل على ميمنته ولده محمدا وعلى الميسرة ولده المطرف. فلقي جيشا كبيرا من المشركين؛ فناشبهم الحرب؛ فأنزل الله نصره على المسلمين، وهزموا المشركين، وأثخنوا فيهم القتل. وأفاء الله على المسلمين من ذراري أهل بنبلونة وخيلهم وأسلحتهم ما عظم به من الله سبحانه المن. وقفل غزيرا في منتصف شوال. وكان خروجه من قرطبة لتسع بقين من شعبان.