للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمه وتعالى جده) ! وصلى الله على محمد نبيه ورسوله، وسلم تسليما! وكان مصابنا بالإمام - رحمه الله! - مما جلت به المصيبة، وعظمت به الرزية؛ فعند الله تحتسبه، وإياه نسأل إلهام الصبر، وإليه ترغب في كمال الأجر والذخر! وعهد إلينا فيكم بما فيه صلاح أحوالكم ولسنا ممن يخالف عهده، بل لكم لدينا المزيد إن شاء الله!) ثم قام عنهم، وخرجت لهم الأموال والكسي على قدر أقدارهم.

وكان شاعرا، أديبا، ذا همة عالية. وكانت له غزوات كثيرة، وفتوحات في دار العدو شهيرة، يخرج إليها في العدد الجم، والعسكر الضخم، يخرب ديارهم، ويعفى آثارهم، ويقفل ظاهر الاعتلاء، قاهر الأعداء. لم يلق المسلمون معه بؤسا، ولم يروا في مدته يوما عبوسا. وهو أول من جرى على سنن الخلفاء في الزينة والشكل، وترتيب الخدمة. وكسى الخلافة أبهة الجلالة (فشيد القصور، وجلب إليها المياه، وبنى الرصيف، وعمل عليه السقائف؛ وبنى المساجد الجوامع بالأندلس؛ وعمل السقاية على الرصيف، وأحدث الطرز، واستنبط عملها؛ واتخذ السكة بقرطبة. وفخم ملكه. وفي أيامه دخل الأندلس نفيس الوطاء وغرائب الأشياء؛ وسبق ذلك إليه من بغداد وغيرها. وعندما قتل محمد الأمين، ابن هارون الرشيد، وانتهب ملكه، سبق إلى الأندلس كل نفيس غريب من جوهر ومتاع. وقصد بالعقد المعروف بعقد الشفاء؛ وكان لزبيدة أم جعفر.

ومن مآثره أنه كان ورد عليه يوما أموال من بلاده، لعطبات أجناده؛ فأدخلت إليه، وجعلت الخرائط بين يديه. وكان بعث فتيانه؛ فخلا مجلسه إذ ذاك، ولم يبق أحد هناك، حاشى فتى كان بين يديه واقفا، وعلى خدمته الخاصة عاكفا؛ فغشيت الأمير عبد الرحمن نعسة، ظنها الفتى تهزة وخلسة؛ فقبض على خريطة من ذلك المال، وأسدل عليها كمة أسبغ إسدال، والأمير يلاحظه بطرف خفيّ، ويصمت عنه صمت برّ حفيّ؛ ففاز الفتى بماله، وناط به أسباب

<<  <  ج: ص:  >  >>