وفي سنة ٢٦٠، خرج المنذر بن الأمير محمد إلى سرقسطة وبنبلونة؛ وكان القائد هاشم بن عبد العزيز. فاحتل سرقسطة، وانتهب زروعها، وأذهب ثمارها وأشجارها، ونقل أطعمتها إلى وشفة، وتقدم إلى بنبلونة؛ فجال في أرضها، وأتلف معايش أهلها.
وفيها، كانت المجاعة التي عمت الأندلس؛ ومات فيها أكثر الخلق.
وفي سنة ٢٦١، هرب ابن مروان الجليقي من قرطبة مع رجال ماردة المنزلين منها، واستقروا بقلعة الحنش. فغزاه الأمير محمد، وحاصره حصارا قطعه وضيق عليه مدة من ثلاثة أشهر، ألجأه فيها إلى أكل الدواب؛ وقطع عنه الماء، ورماه بالمجانيق، حتى أذعن، وطلب الأمان، وشكى ثقل الظهر وضيق الحال؛ فأباح له الأمير محمد الرحيل إلى بطليوس والحلول بها؛ وهي يومئذ قرية؛ فخرج إليها، وقفل عنه.
وفي سنة ٢٦٢، خرج المنذر بن الأمير محمد إلى ابن مروان؛ وكان القائد هاشم بن عبد العزيز؛ وهو الذي كان سبب هروب ابن مروان، لأنه قال له من بين الوزراء:(الكلب خير منك!) وأمر يصفع قفاه، واستبلغ في خزيه؛ فهرب مع أصحابه، وذلك في خبر طويل. وكان ابن مروان قد ابتنى بطليوس حصنا، وجعله موطنا، وأدخل فيه أهل ماردة وغيرهم من أهل المكانفة له على الشر. فلما انتهى إلى ابن مروان تحرك العسكر إليه، تنقل عن بطليوس، وحل بحصن كركي؛ واجتمع أهل ماردة إليه فيه؛ فنزل العسكر بمقربة من الحصن. وكان هاشم قد يعث إلى منت شلوط خيلا ورجلا لضبطه. وكان سعدون الرماري قد دخل إلى بلاد الشرك مستمدا؛ فجاء بمدد من المشركين، وأظهر أنه في قلة؛ فكتب بذلك عامل حصن منت شلوط إلى