للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحيط عبد الحميد الرُّعبطي المعروف بابن مغيث؛ وكان قد رفع إليه رافع أن جليقية من ناحية البحر المحيط لا سور لها، وأن أهلها لا يمتنعون من جيش إن غشيهم من تلك الناحية. فلما كملت المراكب بالإنشاء، قدم عبد الحميد بن مغيث عليها. فلما دخل البحر، تقطعت المراكب كلها وتفرقت، ولم يجتمع بعضها إلى بعض. ونجا ابن مغيث.

وفي سنة ٢٦٧، التاثت الحصون المبتناة برية وتاكرنا وجهة الجزيرة. وفيها، ابتدأ شر اللعين عمر بن حفصون، الذي أعبى الخلفاء أمره، وطالت في الدنيا فتنته، وعظم شره؛ فقام في هذه السنة على الأمير محمد بناحية رية. فتقدم إليه عامر بن عامر؛ فانهزم عامر وأسلم قبته؛ فأخذها ابن حفصون، وهو أول رواق ضريه؛ فاستكن إليه أهل الشر. وعزل الأمير عامرا عن كورة رية، وولاها عبد العزيز بن عباس؛ فهادنه ابن حفصون، وسكنت الحال بينهما. ثم عزل عبد العزيز، وتحرك ابن حفصون، وعاد إلى ما كان عليه من الشر. وخرج هاشم بن عبد العزيز إلى كورة رية يطلب كل من كشف وجهه في الفتنة وأظهر الخلاف، وأخذ رهائن أهل تاكرنا على إعطاء الطاعة.

ومن العجائب في هذا العام، ما ذكره الرازي وغيره. قالا: زلزلت الأرض بقرطبة زلزالا شديدا، وهاجت ريح عند صلاة المغرب؛ فأثارت سحابا فيه ظلمات ورعد وبرق؛ فصعق ستة نفر، وانقلبوا على ظهورهم، مات اثنان؛ وخر جميع الناس سجدا إلا الإمام، فإنه ثبت قائما؛ وكان الرجلان اللذان ماتا أقرب الناس إلى الإمام؛ فاحترق شعر أحدهما واسود وجهه وشقه الأيسر؛ والآخر ظهر بشقه الأيمن سواد؛ والأربعة الصرعى مكثوا حتى فرغ الإمام؛ فسئلوا عما أحسوا؛ فقالوا: (أحسسنا نارا كأنها الموج الثقيل.) ووجد أهل المسجد رائحة النار، ولم يوجد للصاعقة أثر في سقف ولا حائط. واهتزت لهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>