في سنة ٢٧٦. وكانت بين سوَّار هذا وابن حفصون ملاقاة انقلب فيها ابن حفصون مهزوما، وتولى ملوما مذموما، قد أثقل بالجراح، وقتل قوّاده في ذلك الكفاح. وكان جعد الثائر بالبيرة منفقا مع ابن حفصون على النفاق، منعقدا معه على الفساد في تلك الآفاق؛ فأعمل جعد الحبلة في الغدر بسوار جهده، وأظهر في ذلك نصبه وجهده؛ فأغار على جهته يوما، وقد أكمن هنالك قوما. وخرج هو بنفسه في نفر يسير؛ فاكتسح وأغار، وأنجد في الجهة وغار. وظن سوّار أن ليس وراءه أجناد تنجده، ولا أمداد تمده؛ فبز إليه بأهل المكان، وقد أيقن بالظفر والإمكان. فلما انبسط من هنالك كالفرخ الأشر، ثارت الكمائن عليه كالجراد المنتشر، وأحدقت الخيل بسوار؛ فقتل ثقتيلا، وعاد عسكره مهزوما مفلولا. وأرسل جعد صاحب إلبيرة إلى ابن حفصون برأس سوار، وأعلمه بالكبت الشامل لأعدائهم والبوار.
وثار سعيد بن جودي في ذلك التأريخ بالعرب، وعارض ابن حفصون بالحرب والحَرَب، حتى أغصه بريقه، وضايقه في سبيله هناك وطريقه؛ فرجع ابن حفصون إلى الحيلة فيه والكيد، إذ عجز عنه بالقوة والأيد، حتى قبض عليه، وصار أسيرا لديه، وأقام عنده بببشتر شهورا مكبولا، إلى أن قبل فيه ابن حفصون مالا جزلا قبولا؛ فأطلقه من وثاقه؛ فجد في خلافه على الأمير عبد الله وشقاقه، إلى أن مكر به مكرا، وقتل في دار عشيقة له يهودية غدرا. وتولى أمر العرب بجانب إلبيرة محمد بن أضحى؛ فأمسى على طاعة الأمير عبد الله وأضحى؛ فناصب ابن حفصون الحرب، وعارضه بالطعن والضرب، إلأى أن ظفر به ابن حفصون في تلك المسالك، وصار عنده أسيرا هنالك؛ ففداه العرب منه بمال جسيم، ومشى من طاعة الأمير على منهاج قويم.
وثار العرب بإشبيلية ثورة، وقبضوا على عاملها عنوة، وانتهبوا طارفه ومشلده، ولم يتركوا إلا أهله وولده، وقتلوا كثيرا من أعوانه، وعانوا ما شأوا في سلطانه؛ فاجتمعت العساكر من قرمونة وسائر الأقطار، وأحاطت بإشبيلية إحاطة