عقبة الغفاري، وسار حتى عسكر حبيب، فرفضه واستهان به، وسب بلج بن بشر لحبيب وتنقصه وقال:(هذا الذي يحول أعنة الخيل إلينا) فقام إليه عبد الرحمن بن حبيب وقال (يا بلج هذا حبيب! فإذا شئت فاعرض له للمقابلة!) وصاح الناس (السلاح! السلاح!) فمال أهل أفريقية إلى ناحية. ومعهم أهل مصر. ثم سعى بينهم الصلح. فكان هذا الاختلاف سبب هلاكهم، مع سوء رأي كلثوم وبلج.
ولما قدم كلثوم على وادي سنبو، وهو في ثلاثين ألفا، وقال ابن القطان: فيهم عشرة آلاف من صلب بني أمية، وعشرون ألفا من سائر العرب. فتوجه إليهم خالد بن حميد الزناتي الذي تولى الأمر بعد ميسرة. فوجه كلثوم بلجا ليلا ليوقع بالبربر. فسرى ليلته، وأوقع بهم عند الصباح؛ فخرجوا إليه عراة؛ فهزموه ووصلوا إلى كلثوم. فأمر بدبدبان فنصب له، وقعد عليه. ثم نشب القتال، وقعدت البربر تحت الدرق، ونشبت الخيلُ الخيلَ العرب خيل البربر؛ ثم انكشفت خيل العرب، وألتفت الرجال بالرجال. فكان صبر وقتال. وخالطت خيل البربر ورجّالتُهم كلثوم وأصحابه. فقتل كلثوم، وحبيب بن أبي عبدة، وسليمان بن أبي المهاجر. ووجوه العرب. فكانت هزيمة أهل الشام إلى الأندلس، وهزيمة أهل مصر وأفريقية إلى أفريقية.
قال ابن القطان: لما بعث هشام بن عبد الملك كلثوما واليا على أفريقية والمغرب، وأمره بالجد والاجتهاد في أمرها، إذ كانوا بين أمية يجدون في الدريات أن الملك القائمين عليهم لا يجاوز الزاب. فتوهموا إنه زاب مصر، وإنما كان زاب أفريقية. وعهد إليه في سدها وضبطها، وعهد أن حدث بكلثوم حدث أن يكون ابن أخيه بلج مكانه. فدارت بينه وبين البربر حروب، هزموا في بعضها كلثوم بن عياض وقتلوه، وصار أمر العرب بأفريقية إلى بلج بالعهد المذكور. ولجأ فلهم إلى سبتة، وبقوا بها حتى ضاق عليهم الأمر؛ فكاتب