يوم الجمعة لتسع بقين من رجب. ثم تقدّم إلى حصن لوزة يوم السبت لانسلاخ رجب؛ فحارب الحصن وحاصره، وقتل جماعة ممن فبه؛ ثم تقدم إلى حاضرة رية، فيها مساور بن عبد الرحمن؛ فأحرقت أرباض الحاضرة وحوصر من كان فيها؛ فدعا مساور إلى السلم، وبذل الرهائن. فأجيب إلى ذلك، وقبضت رهائنه؛ ثم تقدم القائد إلى الساحل؛ فجال عليه أجمع، وخرج على حصون إلبيرة، وقفل منصرفا إلى قرطبة؛ فدخلها يوم السبت لليلتين خلتا من ذي القعدة.
وفيها، خرج لُبُّ بن محمد إلى جانب بنبلونة؛ فبذل في تهوره، وشرع في البنيان بحصن هريز؛ فحشد إليه العلج شانجه جميع أهل بلده، وكايده بالمكامن؛ ثم وجه إليه خيلا يسيره؛ فلما سمع الصيحة، بدر إلى الركوب؛ فلقى بكمين، فهزمه؛ ثم بكمين، فهزمه؛ ثم أحدقت به الكمائن. فقتل وقتل من كان معه، ممن آثر الشهادة؛ وذلك في ذي الحجة لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه. فنزل تطيلة أخوه عبد الله بن محمد. وكان لبٌّ، يوم قتل، ابن ثمان وثلاثين سنة.
وفيها، ظهر محمد بن عبد الملك الطويل في الثغر، ودخل حصن بربشتر وحصن القصر وحصن بربطانية.
وفي سنة ٢٩٥، كان غزاة أبان ابن الإمام عبد الله - رحمه الله - بالصائفة إلى جهة رية؛ وقاد الخيل أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي عبدة؛ فقصد ببشتر، وحارب ابن حفصون، ونكاه، وأنزل به، وحارب ما حواليه من الحصون.
وفيها، غدر سعيد بن الوليد المعروف بأبن مستنة، وتخلى عن حصن بلدة إلى عمر بن حفصون، وظافره، وأبدى ما كان بصميره من العصيان.