وانصرفوا إلى حصن جريشة؛ فاتبعهم القائد أحمد بن محمد بن أبي عبدة؛ فلحقهم، وهزمهم، وقتل جماعة منهم، فيهم تسريل العجمي من قواد ابن حفصون.
وفيها، افتتح القائد أحمد بن محمد بن أبي عبدة حصن الزبيب، وابتنى حصن ترضيض تضييقا على ابن هذيل، وحصن قلعة الأشعث، ووضع فيه ندبا من الرجال. وشتى القائد هذه السنة بجبل ارنيش من كورة قبرة. وكانت له في هذه الشتوة حركات بالغت في نكاية أهل النفاق.
وفيها، خرج محمد بن عبد الملك الطويل إلى بار بليارش؛ فافتتح حصن أوربوالة، وأصاب من المشركين ثلاثمائة سبية، وقتل كثيرا منهم، وهدم الحصن وحرقه. وتقدم إلى حصني علتير والغبران؛ فهدمهما. وكان مبلغ الفيء في هذه الغزاة ثلاثة عشر ألفا.
وفيها، قتل إبراهيم بن حجاج ابن عمه أحمد بن سيد بن عمر بن عُمير، وهو ابن خمس وأربعين سنة.
وفيها، وذلك يوم الخميس لسبع بقين من ذي الحجة، اعتقل موسى ابن محمد بن حدير صاحب المدينة إبراهيم ومحمدا وسعيدا بني الأمير محمد - رحمه الله - وابن أخيهم محمد بن عبد الملك ابن الأمير محمد - رحمه الله - وحبسهم في دار مطرف ابن الأمير عبد الله. وكان سبب ذلك أنّ الإمام عبد الله - رحمه الله - عهد إليه ألا يترك أحدا يجوز القنطرة إذا كان له خروج للصيد. وكان يصيد الإمام في تلك الجهة بعدوة النهر. فخرج الإمام في هذا اليوم متصيدا. وخرج هؤلاء من المدينة متروحين؛ فردهم واعتقلهم. فلما انصرف الأمير - رحمه الله - من صيده، أنهى إليه أمرهم وما فعله فيهم؛ فاستحسن ذلك منه، وشكر له، وعهد إليه بإطلاقهم.