دوش امانتش؛ فنازله وحاربه حتى افتتحه. ثم نهض إلى مدينة بلدة؛ فاحتلها يوم الثلاثاء لليلة بقيت من ذي الحجة، وأحاطت العساكر بها؛ فتداعى من كان من المسلمين فيها إلى النزول بأنفسهم وذراريهم؛ وذكروا أنهم كانوا مغلوبين على أمرهم؛ فأمنهم الناصر، وقاتل الكفرة المتغلقين في المدينة، حتى أظفره الله بهم؛ فقتلوا عن آخرهم وملكت المدينة، وتدب فيها الرجال. ثم انتقل إلى حصون رية، يتقرَّاها معقلا معقلا، ويفتتح ما مر به منها. ونزل على جبل ببشتر؛ فحاصر أهله، وقطع ثمراتهم، واستبلغ في نكايتهم؛ فسأله جعفر بن عمر بن حفصون قبض رهائنه، استيثاقا من طاعته، على أن يؤدى من الجباية ما فرض عليه؛ فأجابه الناصر إلى ذلك، وفيضت رهائن جعفر وشيعته، وصارت في قبضته وداخل معسكره. ثم قفل الناصر لدين الله عن جبل ببشتر، ودخل القصر لثلاث بقين من المحرم من سنة ٣٠٧، وقد استتم في غزاته أربعين يوما.
وفي هذه السنة، عهد الناصر بعمل الفوَّارة إزاء باب القصر المعروف بباب العدل، وإقامة محراب مصلى المصارة بقرطبة.
وفيها، توفي عبد الله بن كليب بن عبد السلام، لخمس خلون من ربيع الآخر. وفيها، توفي للناصر ابن يسمى بمحمد، ويكنى بأبي القاسم. وفيها، توفيت رقية ابنة الإمام محمد. وتوفي فيها موسى بن أزهر الفقيه الإسنجي لثلاث خلون من ربيع الأول؛ وكان من أهل الفصاحة والبيان والخط الحسن. وتوفي فيها حزب الله بن رباعي بن عبد الله الخشني الزاهد، وكانت له رواية.
وفي سنة ٣٠٧، كان احتلال الناصر أمير المؤمنين بمدينة ببشتر، على ما تقدم ذكره في العام قبله، ودخوله قرطبة قافلا من غزاته في التاريخ المتقدم ذكره.
وفي هذه السنة، افتتح حصن طرش؛ وكان فيه عبد الرحمن بن عمر بن