للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتخلف في القصر أبنه عبد العزيز لتنفذ الكتب إليه، ومن الوزراء أحمد بن محمد بن حدير، وعلى المدينة أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الرؤوف.

فلما احتل - رحمه الله - في طريقه بمحلة الغدر، وقرب من حصن مورة الذي كان اتخذه أهل طليطلة شجا على المسلمين ومسترحا للمفسدين، وقدموا عليه منهم مطرف بن عبد الرحمن بن حبيب، قدم إليه من أنذره وخوفه، وأمره بالخروج عن الحصن وإسلامه. فبدر إلى ذلك بدرا لم يجد منه بدا، ولا في الامتناع طمعا؛ ونزل عن الحصن. وأمر الناصر بضبطه؛ ثم نهض بجيوشه المؤيدة، وعزيمته الماضية، حتى احتل محلة جرنكش بقرب طليطلة، وذلك يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولي. فأشرف من محلته هذه على سهلة طليطلة ونهرها، وأجنتها وكرومها؛ ودبر رأيه في أمكن المواضع من محاصرتها، وأقرب الجهات الآخذة بمخنق أهلها؛ فرأى النزول بمحلة المقبرة على باب المدينة أبلغ في النكاية، وأشد في المضايقة؛ فارتحل إليها في اليوم الثاني، وأخذ في نكاية العصاة، بما لم يجر لهم على ظن) . وأقام بهذه المحلة سبعة وثلاثين يوما، يوالي فيها بنكايتهم، وقطع ثمراتهم، وتخريب قراهم، وانتساف نعمهم، وتحطيم زروعهم. ثم أمر بالبنيان في جبل جرنكش لمدينة سماها بالفتح، وأرتب لبنيانها سعيد بن المنذر الوزير، وأمر بنقل الأسواق إليها، والتمدين لها، لتكثر مرافق أهل العسكر بها؛ وأرتب محمد بن سعيد بن المنذر على باب القنطرة في جمل من الحشم، وعهد إليهما بالاستبلاغ في محاربة القوم. وقدم على الناصر بمحلته على طليطلة صاحب حصن قنيلش وصاحب حصن الفهمين، معتصمين بطاعته؛ فأمر بنقلهما إلى قرطبة، والتوسع عليهما، ومكافأة نزوعهما وقصدهما. ثم قفل الناصر عن مدينة طليطلة يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة، ودخل القصر بقرطبة يوم الأثنين لأربع خلون من رجب، وقد استتم في غزاته أحدا وستين يوما.

وفي هذه السنة، ولي المواريث طرفة بن عبد الرحمن صاحب المطبخ؛ وولي خزانة السلاح أحمد بن أبان بن هاشم، وحفص بن سعيد بن جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>