وفي سنة ٣٢٧، قام بالغرب الأقصى أبو الأنصار بن أبي عقير البرغواطي بعد موت أبيه؛ وكان يفي بالعهد والوعد، وهو الذي بعثه عقير البرغواطي رسولا إلى الحكم المستنصر بالله، ابن أمير المؤمنين الناصر.
وفي سنة ٣٢٩، استتم القائد أحمد بن محمد بن إلياس مدينة سكتان، وشحنها بالرجال، وأتخذ فيها الأطعمة والأسلحة؛ فأخرج الناصر إليها أحمد بن بعلي قائدا في ضروب من الحشم، ضمهم إليه؛ فنفذ إليها في صفر من هذه السنة؛ فلما كان في غرة جمادى الأولي منها، وافى فتح من قبل أحمد بن بعلي القائد بسكتان الحديثة؛ بدخول كان له منها إلى جهة من عمل الطاغية ردمير؛ فقتل وسبى وأسر، وأرسل مع كتابه إلى قرطبة مائتي علج أسراء؛ وكان هذا أول فتح لابن بعلي أذل به الطاغية ردمير.
وفي سنة ٣٣٠، في المحرم من هذه السنة، طلع كوكب الزباني في الأفق الغربي بقرطبة إزاء العقرب، منحرفا عنها، يكاد يتصل بالفلكة العليا في رأي العين؛ وكان أول ليلة لاح فيها للأنصار ليلة السبت لثلاث بقين من المحرم منها، وهي ليلة ست عشرة خلت من أكتوبر؛ وتمادى طلوعه مستعليا مكبرا في السماء حتى توارى.
وفي سنة ٣٣١، في يوم الخميس لخمس خلون من صفر منها، دخل الوزير القائد أحمد بن إلياس إلى قرطبة قافلا عن غزاته إلى الثغر التي خرج إليها في عقب شوال من سنة ٣٣٠ قبلها، إلى ثلاثة أشهر ويومين من خروجه عنها؛ ودخل في سفرته هذه كورة تدمير؛ فأزال الالتباث الواقع من أهلها إزالة، وقدم برهائن بعضهم؛ وكان أثره جميلا.
وفيها، كان المدُّ العظيم بنهر قرطبة، الثالم لقنطرتها.