عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أسرع إلى تحقيق الطاعة للناصر؛ فعقد له الأمان على نفسه، وانفذ إليه أبنه محمد بن أبي العبش إلى قرطبة، مؤكدا لطاعته؛ فاحتفل السلطان لدخوله احتفالا عظيما، وركب الوافد محمد مع مستقبله من قبل الناصر القائد أحمد بن يعلى في أهبة راقت العيون وملأت الصدور. ووصل إلى قصر الزهراء، وقعد له الناصر أفخم قعود؛ فأوصله إلى نفسه، وأبلغ في تكريمه؛ ثم خرج عنه في مثل الهيئة التي دخل عليها. ودخلت بدخول محمد بن أبي العبش في هذا النهار على الناصر رسل لبني عمه الأدارسة أمراء الغرب. وانعقد في هذا النهار كتاب أمان محمد بن إدريس. ودعا الناصر أيضا محمد بن أبي العبش؛ فبالغ في تكريمه، وأقام بقرطبة بقية هذه السنة في تكرمة. وانصرف الوفد المذكور بعد التزامهم للطاعة للناصر، وذلك فيخبر طويل.
وفي عقب شوال، قدم رسول الخير بن محمد بن خزر الزناني أمير الغرب ومعه رسول حميد بن يصل الزناني، يعرفان الناصر بما كان من دخولهما مدينة تاهرت، وأنهما أقاما فيها الدعوة له.
وفي منسلخ شوال، قدم على الناصر رسولان من أبي يزيد مخلد بن كيداد المعروف بصاحب الحمار، القائم بإفريقية على أبي القاسم الشيعي، برسالة منه يخبر بتغلبه على القيروان ورقادة وعملهما، وإيقاعه بأصحاب الشيعي فيها، وما يعتقده من ولاية الناصر، وياوي إليه من اعتقاد إمامته. واتصلت كتب أبي يزيد ورسله على قرطبة من ذلك الوقت إلى حين وفاته.
وفي سنة ٣٣٤، جلس الناصر لدين الله لوداع رسل أهل القيروان الواردين عليه من قبلهم وقبل أبي يزيد مخلد بن كيداد اليفرني الناجم بأرض إفريقية في ذلك الوقت، محتسبا في جهاد ملوك الشيعة المنتزين على إفريقية من آل