للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقيت من ربيع الآخر منها؛ فقرى كتابهم بهذا الفتح الجليل بقرطبة؛ ثم وردت إلى قرطبة الرؤوس المحتزة في هذه الهزيمة نحو خمسة آلاف رأس؛ فأمر الناصر برفعها على الخشب حوالي سور قرطبة.

ولسبه خلون من جمادى الأولي، كانت بقرطبة زلزلة عظيمة ظاهرة الهزة؛ وعادت زلزلة أخرى مثلها يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منها، وذلك عند الظهر.

وفيها، ثقف الناصر أمور الخدمة السلطانية، ووزعها بين وزرائه؛ فقلد الوزير جهور بن أبي عبدة النظر في كتب جميع أهل الخدمة؛ وقلد الوزير عيسى ابن فطيس النظر في كتب أهل الثغور والسواهل والأطراف وغير ذلك؛ وقلد الوزير الكاتب عبد الرحمن الزجالي النظر في تنفيذ كل ما يخرجه من العهود والتوقيعات، وينفذ به الأمر أو الرأي وغير ذلك؛ وقلد الوزير محمد بن حدير النظر في مطالب الناس وحوائجهم، وتنجيز التوقيعات لهم. فالتزم القوم ما ألزموا؛ فاعتدل بهم ميزان الخدمة، وسهلت مطالب الرعية.

وفيها، ورد كتاب يعلى بن حميد قائد العدوة من قبل الناصر بما فتح الله عليه في قائد الشيعي معد بن إسماعيل صاحب إفريقية من هزيمته له وقتله من قتل من رجاله وغير ذلك. ووصل إلى قرطبة ابن عم حميد بن يصل، ومعه ستة وثلاثون من وجوه كتامة وغيرهم من القبائل المستأمنين إليه من عسكر الشيعي؛ فأمر الناصر بانزالهم، وجلس لهم على سريره بقصر الزهراء يوم الثلاثاء ربع خلون منه؛ فوصلوا إليه؛ فرأوا مقاما جليلا، وكلموه، فرد عليهم جميلا، وأحسن موعدهم، وأمر بالخلع عليهم، ووصلوا بصلات جزلات، وأمروا بالرجوع إلى القائد حميد بن يصل.

وفيها، أمر الناصر بإطلاق اللعن على ملوك الشيعة بجميع منابر الأندلس، وإنفاذ كتبه بذلك إلى العمال بسائر الأقطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>