مماليكه لتعلم الصناعة؛ فوضعوا أيديهم معه في الفسيفساء المحلوبة، وصاروا يعملون معه؛ فأبدعوا، وأربوا عليه، واستمروا بعد ذلك منفردين دون الصانع القادم، إذ صدر راجعا عند الاستغناء عنه، بعد أن أجزل له المستنصر الصلة والكسوة. وتداعى إلى هذه البنية كل صانع حاذق من أقطار الأرض. وركب الحكم المستنصر بالله في العشر الوسط لشوال من الزهراء إلى الجامع، ودخله، ونظر إلى الزيادة وما تم فيها، وأمر بإقلاع السواري الأربع التي كانت في عضادة المحراب القديم الفائقة التي لا نظير لها، وصيانتها إلى أن توضع في المحراب الجديد عند إتقان إحكامه وإكماله.
وفي سنة ٣٥٥، في المحرم، أمر بوضع المنبر القديم إلى جانب المحراب، ونصب المقصورة القديمة. ونصب في قبلة هذه الزيادة مقصورة من الخشب، منقوشة الظاهر والباطن، مشرفة الذروة، طولها خمسة وسبعون ذراعا، وعرضها اثنان وعشرون ذراعا، وعلوها إلى الشرفات ثمانية أذرع. وكان الفراغ من هذه الزيادة ونصب المقصورة في رجب من السنة.
وفي يوم الجمعة لثمان خلون منه، قرى كتاب فتح من قبل سعادة الجعيفري، القائد بمدينة الفرج، يذكر ما فتح الله له وأتيح على يديه من أعداء الله المشركين.
وفي يوم الأربعاء لأربع خلون من ربيع الأول منها، نفذت الكتب إلى عمال الثغر الأدنى والأقصى في ارتباط الخيل، والتكثير منها، وجودة القيام عليها لما يؤمل من الجهاد بعون الله.
وفي يوم الجمعة لثلاث خلون منه، قرى بقرطبة والزهراء كتاب فتح ورد من قبل الوزير يحيى بن هاشم، وكتاب فتح ورد من قبل سعد الجعفري، وكتاب فتح ورد من قبل حريز بن هايل، يذكرون ما منحهم الله وفتح على أيديهم من قبل أعداء الله المشركين، وأن كل واحد منهم نهض إلى ما قبله من بلادهم، فقتل وسبى، واكتسح وأشجى، وانصرف سالما غانما.
وفي أول رجب منها، ورد كتاب من قصر أبي دانس على المستنصر