حلفت يمينا غير ذي مثنوية ... يمين أمري آلي وليس بآثم
لشاتنا ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغر بن حاتم
وقدم يزيد على أفريقية ومعه كل من جند من الشام والعراق وخراسان، فنزل أولا طرابلس، وسار إليه أبو حاتم، فزحف إليه يزيد، واقتتل معه قتالا شديدا. فانهزم أبو حاتم وقتل هو وكثير من أصحابه. واتبع سائرهم، فقتل من أدرك منهم. واستعمل يزيد على طرابلس سعيد بن شداد، وحينئذ نهض إلى القيروان، فدخلها يوم الاثنين لعشر بقين لجمادى الآخرة من هذه السنة. وفي هذه السنة، أنكرت الصفرية المجتمعة بسلجمانة على أميرهم عيسى بن يزيد أشياء، فشدوه وثاقا ووضعوه على قنة جبل، فلم يزل كذلك حتى مات، وقدموا سمغو بن واسول بن مدلان المكناسي جد مدرار.
وفي سنة ١٥٦ بعث يزيد بن حاتم العلاء بن سعيد المهلبي مددا لمخارق بمدينة طبنة بالزاب، وقلعة حبحاب بجبل كتامة، وهرب عبد الرحمن بن حبيب عنها وقتل العلاء جماعة ممن أدرك فيها. ثم انصرف إلى القيروان.
وثار على يزيد بن حاتم أبو يحيى بن قرياس الهواري بناحية طرابلس، واجتمع إليه كثير من البربر. وكان بها عبد الله بن السمط الكندي قائدا ليزيد، فالتقوا على شاطئ البحر، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم أبو يحيى وقتل عامة أصحابه. وتهدنت أفريقية ليزيد بن حاتم وضبطها.
وفي سنة ١٥٧، جدد يزيد يناء المسجد الجامع بالقيروان. وكان غاية في الجود والحسن. وفيها توفي أبو جعفر المنصور، في ذي الحجة من السنة المؤرخة.
وفي سنة ١٥٨، ولي الخلافة المهدي، بويع يوم مات أبو جعفر بمكة - شرفها الله - نعهد من أبيه، وذلك يوم السبت لست خلون لذي الحجة. واستقل بالملك والخلافة في هذه السنة. وكان أديبا ن جوادا، محبا لآهل الأدب والشعر.