للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن محمد إلى تونس. فلما وصل إليها، قال لهم ابن الجارود: (كيف تصنعون ذلك، وأنتم قد أخرجتم ابن اخيه وشتمتموه؟ والله! ما بعث إليكم إلا ليطيبكم حتى ترجعوا عن رأيكم؛ فإذا اطمأننتم أخذتم واحد بعد واحد!) قالوا له: (فما رأيك؟) قال: (الذي ذكرت لكم) فخرجوا حتى التقوا بالعسكر الواصل مع العامل من قبل الفضل أمير أفريقية والقيروان بموضع الزيتون، فدفعوه عن أنفسهم، وجرى بين الجند كلام كثير يطول ذكره، إلى أن وقعت الحرب بين ابن الجارود وعسكر الفضل، فهزمهم ابن الجارود واتبعهم إلى القيروان، فنزل عليها. فاجتمع الفضل مع بني عمه وخاصته وتساور معهم في أمره، فاضطرب الآمر عليه، ولم يصح له أمر. فلما أصبح أقبل عبد الله بن عبد ربه بن الجارود في عسكره، والفضل في دار الإمارة مع أصحابه. وكان بعض القواد على الأبواب، فلما قرب ابن عبد ربه منها فتحوها له، فدخل أصحابه، لا يدافعهم أحد، ونزل ابن عبد ربه خارج المدينة، ثم دخل دار الإمارة، فأمن الفضل وأصحابه، ثم أمرهم بالخروج إلى قابس وقال لهم: (إني لا آمن أصحابي عليكم، ولكن أوجه معكم من يوصلكم إلى قابس.) فوجه إليهم أبا الهيثم في جماعة، وأخذ عليه الإيمان ألا يسلم الفضل. فخرج الفضل معه، مع ثلاثة من بني عمه وبعض أصحابه من باب آخر. فقال لهم البواب: (اخرجوا يا كلاب النار! لا رحمكم الله!) فقال الفضل عند ذلك: (لا غله إلا اله! لم يبق أحد إلا صار علينا حتى من أعتقناه!) وسار ليلته ونهاره حتى دنا الغروب، فسمع طبلا، فقال: (فلان جاء بمائة فارس، بعثه ابن الجارود إليك لأنه خاف عليك الجند!) ثم سمع طبلا آخر، فإذا هوم منصور بن هاشم. فقال له: (ما جاء بك؟) فقال (كذا وكذا) م سمع طبلا آخر، فإذا هو صاحب شرطة ابن عبد ربه بن الجارود، فقيل للفضل: (إذا جاء ليردك!) وذلك إنه أشار على ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>