للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يشير به عليه.) وكان الناس يقولون (استرحنا من العكي، فرد إبراهيم علينا! فلموت خير لنا من الحياة في سلطان العكي!) ففزع الناس إلى تمام بن تميم التميمي. فلما رأى كثرة من معه، طابت نفسه لقتال العكي. فكتب تمام إلى العكي: (أما بعد، فأن إبراهيم بن الأغلب لم يبعث إليك فيردك من كرامتك عليه، ولا للطاعة التي يظهرها للخليفة؛ ولكن كره ان يبلغ إليك أخذه البلاد فترجع إليه؛ فأن منعك، كان مخالفا لأمير المؤمنين؛ وان دفعها إليك، كان ما فعل لغيره، فبعث إليك لترجع؛ ثم يسلمك إلى القتال. وغدا تعرف ما جربت من وقعتنا لك بالأمس!) وفي آخر كتابه (الطويل) :

وما كان إبراهيم من فضل الطاعة ... يرد عليك الملك لكن لتقتلا

فلو كنت ذا عقل وعلم بكيده ... لما كنت منه يا ابن عك لتقبلا

فلما وصل كتابه إلى محمد بن مقاتل العكي، قرأه ودفعه إلى ابن الأغلب؛ فقراه وضحك، وقال: (قاتله الله! ضعف رأيه!) وكتب إليه ابن العكي: (من محمد بن مقاتل إلى الناكث ابن تميم. أما بعد فقد بلغني كتابك، ودلني على قلة رأيك. وفهمت قولك في إبراهيم؛ فأن كانت نصيحة، فليس من خان الله والخليفة مقبول منه ما نصح به! وإن كانت خديعة، فأقبح الخداع ما فطن له!) وفي آخر كتابه (طويل) :

وإني لأرجو إن لقيت ابن أغلب ... إذا في المنايا أن تفل وتقتلا

تلاقي فتى يستصحب الموت في الوغى ... ويحمي بصدر الرمح عزا موثلا

وأقبل تمام من تونس بعسكر عظيم؛ وأمر ابن العكي من كان معه من أهل الطاعة بالخروج إليه، مع إبراهيم بن الأغلب؛ فتقاتلوا قتالا شديدا؛ فانهزم تمام، ورجع إلى تونس. وانصرف ابن العكي إلى القيروان، وأمر إبراهيم ابن الأغلب بالمسير إلى تونس.

وفي سنة ١٨٤ خرج العسكر من القيروان لحصار تونس وقتال تمام؛

<<  <  ج: ص:  >  >>