قال:(مسألة: التابعى المجتهد معتبر مع الصحابة فإن نشأ بعد إجماعهم فعلى انقراض العصر لنا ما تقدَّم واستدل لو لم يعتبر لم يسوغوا اجتهاده معهم كسعيد ابن المسيب وشريح والحسن ومسروق وأبى وائل، والشعبى، وابن جبير، وغيرهم، وعن أبى سلمة: (تذاكرت مع ابن عباس وأبى هريرة فى عدة الحامل للوفاة فقال ابن عباس: أبعد الأجلين، وقلت أنا بالوضع، فقال: أبو هريرة أنا مع ابن أخى، وأجيب بأنهم إنما سوغوه مع اختلافهم).
أقول: التابعى المجتهد عند انعقاد الإجماع من الصحابة يعتبر معهم فلا ينعقد إجماعهم مع مخالفته وقال بعض العلماء: لا يعتدّ به وبمخالفته، وأما من نشأ وبلغ درجة الاجتهاد بعد انعقاد إجماعهم فاعتباره وعدم اعتباره مبنى على الخلاف فى اشتراط انقراض العصر فمن اشترط اعتبر ومن لم يشترط لم يعتبر. لنا ما تقدَّم أن الأدلة لا تتناوله إذ ليسوا بدونه كل الأمة واستدل لو لم يعتبر قوله وكان إن خالفهم باطلًا قطعًا لم يسوغ الصحابة اجتهاده معهم لعدم الفائدة على تقديرى الموافقة والمخالفة، واللازم منتف، فإن الصحابة سوغوا للتابعين المعاصرين لهم الاجتهاد معهم كسعيد بن السيب وشريح، والحسن البصرى، ومسروق وأبى وائل، والشعبى، وسعيد بن جبير، وغيرهم، وكأبى سلمة، وقد روى عنه: تذاكرت مع ابن عباس وأبى هريرة فى عدة الحامل لوفاة زوجها فقال ابن عباس: أبعد الأجلين، وقلت أنا بوضع الحمل، فقال: أبو هريرة أنا مع ابن أخى، أى أبى سلمة، فأجاز اجتهاد التابعى، ورجح رأيه على رأى الصحابى.
الجواب: إنما يصح ذلك لو قلنا بأن مخالفته لهم خطأ مطلقًا، ولا نقول به بل إذا خالفهم مع إجماعهم وما ذكرتموه ومن تسويغ الاجتهاد معهم إنما كان مع الاختلاف فلا يفيدكم.
قوله:(عند انعقاد الإجماع) قَيْد لاجتهاد التابعى يشعر به قوله: وإن نشأ أى حدث التابعى بل اجتهاده بعد إجماعهم، والتابعى ههنا أعم من أن يكون نادرًا أو كثيرًا، والمخالف النادر فى المسألة السابقة أعم من أن يكون تابعيًا أو غيره فبين المسألتين عموم من وجه، فمعنى قوله: لا ينعقد الإجماع، أنه لا يكون إجماعًا قطعيًا لكن يكون حجة عند ندرة التابعى، وقوله: لو لم يعتبر، قوله: أى: قول