للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه عند وقته فلذلك يعلم قبل الوقت، وخالف الإمام والمعتزلة ويصح مع جهل الآمر اتفاقًا. لنا لو لم يصح لم يعص أحد أبدًا، لأنه لم يحصل شرط وقوعه من إرادة قديمة أو حادثة، وأيضًا لو لم يصح لم يعلم تكليف لأنه بعده ومعه منقطع وقبله لا يعلم فإن فرضه متسعًا فرضناه زمنًا زمنًا، فلا يعلم أبدًا وذلك باطل، وأيضًا لو لم يصح لم يعلم إبراهيم وجوب الذبح والمنكر معاند، وقال القاضى: الإجماع على تحقق الوجوب، والتحريم قبل التمكن، المعتزلة لو صح لم يكن الإمكان شرطًا فيه، وأجيب بأن الإمكان الشروط أن يكون مما يتأتى فعله عادة عند وقته واستجماع شرائطه والإمكان الذى هو شرط الوقوع محل النزاع وبأنه يلزم أن لا يصح مع جهل الآمر قالوا لو صح لصح مع علم المأمور وأجيب بانتفاء فائدة التكليف، ولهذا يطيع ويعصى بالعزم والبشر والكراهة).

أقول: الفعل الذى ينتفى شرط وقوعه عند دخول وقته إن جهل الآمر انتفاءه صح التكليف به اتفاقًا وإن علم انتفاءه فهل يصح التكليف به؟ قال الجمهور: يصح فلذلك يعلم التكليف قبل دخول الوقت وإن لم يعلم وجود شرطه وتمكنه فى الوقت ولولا أن تحقق الشرط فى الوقت ليس شرطًا فى التكليف لما علم قبل وقته إذ الجهل بالشرط يوجب الجهل بالشروط وقال الإمام والمعتزلة: لا يصح لنا لو لم يصح التكليف بما علم عدم شرطه لم يعص أحد واللازم باطل بالضرورة من الدين بيان الملازمة أن كل ما لم يقع فقد انتفى شرط من شروطه من إرادة قديمة أو حادثة، فلا تكليف به فلا معصية، ولنا أيضًا لو لم يصح لم يعلم أحد أنه مكلف واللازم باطل، أما الأولى فلأن مع الفعل أو بعده سواء فعل أو عصى ينقطع التكليف وقبله لا يعلم لجواز أن لا يوجد شرط من شروطه فلا يكون مكلفًا، فإن قيل يعلمه قبل الفعل إذا كان الوقت متسعًا وقد وجد شرطه عند دخول الوقت، فإنه كاف فى تحقق التكليف، قلنا فنفرضه زمنًا زمنًا، ونردد فى كل جزء فإنه مع الفعل فيه أو بعده ينقطع وقبل الفعل يجوز أن لا يبقى بصفة التكليف فى الجزء الآخر فلا يأثم بالترك فلا تكليف، وأما بطلان اللازم فبالضرورة، ولنا أيضًا لو لم يصح لم يعلم إبراهيم وجوب ذبح ولده لانتفاء شرطه عند وقته وهو عدم النسخ وقد علمه قطعًا وإلا لم يقدم على قتل ولده ولم يحتج

<<  <  ج: ص:  >  >>