للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذى برأ الأنام، وعمهم بالإكرام والدعوة إلى دار السلام وخص من شاء بمزايا الإنعام والتوفيق لدين الإسلام.

والصلاة والسلام على سيد الأواخر والأوائل المبعوث من أشرف الأرومات وأكرم القبائل بأبهر المعجزات وأظهر الدلائل الموضح للسبل الخاتم للأنبياء والرسل وعلى آله الطاهرين وأصحابه أجمعين.

(وبعد) فإن من عناية اللَّه تعالى بالعباد أن شرع الأحكام وبين الحلال والحرام سببًا يصلحهم فى المعاش وينجيهم فى العاد ولما علم كونها متكثرة وأن قوتهم قاصرة عن ضبطها منتشرة ناطها بدلائل وربطها بأمارات ومخايل ورشح طائفة ممن اصطفاهم لاستنباطها ووفقهم لتدوينها بعد أخذها من مأخذها ومناطها.

وكان لذلك قواعد كلية بها يتوصل ومقدمات جامعة منها يتوسل أفردوا لذلك علمًا سموه "أصول الفقه" فجاء علمًا عظيم الخطر محمود الأثر يجمع إلى العقول مشروعًا ويتضمن من علوم شتى أصولًا وفروعًا وقد صنفت فيه كتب معتبرة وألفت زبر مطوّلة ومختصرة وأن المختصر للإمام العلامة قدوة المحققين جمال الملة والدين أبى عمرو عثمان بن الحاجب المالكى تغمده اللَّه بغفرانه يجرى منها مجرى الغرّة من الكمت والقرحة من الدهم والواسطة من العقد وقد رزق حظًا وافيًا من الاشتهار، فاستهتر به الأذكياء فى جميع الامصار أى استهتار وذلك لصغر حجمه وكثرة عمله ولطافة نظمه ولكنه مستعص على الفهم لا يذل صعابه ولا تسمح قرونته لكل ذى علمه وقد شرحه غير واحد من الفضلاء واشتغل بجله جمّ غفير من فحول العلماء فأبرزوا جلائل الأسرار من أستاره وقد بقيت الدقائق واجتلوا الجلىّ من حقائق معانيه واحتجبت عنهم حقائق وإنى ممن شعفت به وقد وكلت فكرى على حل ألفاظه ومعانيه وصرفت بعض عمرى إلى تلخيص مقاصده ومبانيه حتى لم يخف علىّ منها خافية وتنبهت من الفوائد الزوائد على جملة كافية ولا زال أصحابى المشاركون لى فى البحث عن فرائده وأسراره والكشف عن خرائده وأبكاره يلتمسون منى أن أشرحه فأتعلل وأستعفى وهم يكررون الاقتراح ويأبون

<<  <  ج: ص:  >  >>