قال:(القياس التقدير والمساواة وفى الاصطلاح مساواة فرع الأصل فى علة حكمه، ويلزم المصوبة زيادة فى نظر الجتهد لأنه صحيح وإن تبين الغلط والرجوع بخلاف المخطئة وإن أريد الفاسد معه قبل تشبيه).
أقول: القياس التقدير والمساواة يقال قست النعل بالنعل، أى: قدرته به فساواه، وقست الثوب بالذراع، أى: قدرته به، وفلان لا يقاس بفلان، أى لا يساوى به، وفى الاصطلاح: مساواة فرع الأصل فى علة حكمه، وذلك أنه من أدلة الأحكام فلا بد من حكم مطلوب به وله محل ضرورة والمقصود إثباته فيه لثبوته فى محل آخر يقاس هذا به فكان هذا فرعًا وذلك أصلًا لحاجته إليه وابتنائه عليه، ولا يمكن ذلك فى كل شيئين بل إذا كان بينهما أمر مشترك ولا كل مشترك بل مشترك يوجب الاشتراك فى الحكم بأن يستلزم الحكم ونسميه علة الحكم فلا بد أن يعلم علة الحكم فى الأصل ويعلم ثبوت مثلها فى الفرع إذ ثبوت عينها مما لا يتصور لأن المعنى الشخصى لا يقوم بعينه بمحلين وبذلك يحصل ظن مثل الحكم فى الفرع وهو المطلوب مثاله أن يكون المطلوب ربوية الذرة فيدل عليه مساواته للبر فيما هو علة لربوية البر من طعم أو قوت أو كيل فإن ذلك دليل على ربوية الذرة وربويتها هو الحكم المثبت بالقياس وثمرته، واعلم أن المراد بالمساواة المذكورة فى الحد المساواة فى نفس الأمر فيختص بالقياس الصحيح وهذا عند من يثبت ما لا مساواة فيه فى نفس الأمر قياسًا فاسدًا، وأما المصوبة وهم القائلون بأن كل مجتهد مصيب فالقياس الصحيح عندهم ما حصلت فيه المساواة فى نظر المجتهد سواء ثبتت فى نفس الأمر أو لا حتى لو تبين غلطه ووجب الرجوع عنه فإنه لا يقدح فى صحته عندهم، بل ذلك انقطاع لحكمه لدليل صحيح آخر حدث وكان قبل حدوثه القياس الأول صحيحًا، وإن زال صحته بخلاف المخطئة فإنهم لا يرون ما ظهر غلطه والرجوع عنه محكومًا بصحته إلى زمان ظهور غلطه بل مما كان فاسدًا وتبين فساده، فإذًا لا يشترط المصوبة المساواة إلا فى نظر المجتهد فحقهم أن يقولوا هو مساواة فرع الأصل فى نظر المجتهد هذا إذا حددنا القياس الصحيح، ولو أردنا