قال:(ومقدّمات البرهان قطعية لتنتج قطعيًا لأن لازم الحق حق وتنتهى إلى ضرورية وإلا لزم التسلسل وأما الأمارات فظنية أو اعتقادية إن لم يمنع مانع إذ ليس بين الظن والاعتقاد وبين أمر ربط عقلى لزوالهما مع قيام موجبهما).
أقول: مقدمات البرهان قطعية وحينئذ تنتج قطعيًا لأن النتيجة لازمة لمقدمات حقة قطعًا ولازم الحق حق قطعًا ولا بد أن تنتهى إلى المقدّمات الضرورية دفعًا للدور والتسلسل المانعين من الاكتساب وأما الأمارات أى ما هى ظنية فتستلزم النتيجة استلزامًا ظنيًا أو اعتقاديًا ولا تستلزم ذلك وجوبًا ولا دائمًا بل وقتًا ما وذلك إذا لم يمنع مانع وإنما لم يجب لأنه ليس بين الظن والاعتقاد وبين أمر ربط عقلى بحيث يمتنع تخلفه عنه لزوالهما مع بقاء موجبهما كما يكون عند قيام المعارض وظهور خلاف الظن بحس أو دليل.
قوله:(ومقدمات البرهان) يعنى أن فى البرهان تصديقًا بالمقدمات وتصديقًا بالنتيجة وتصديقًا بلزومها للمقدمات والثلاثة قطعية لا تحتمل النقيض والأمارة مقدماتها كلها أو بعضها والنتيجة ولزومها ثلاثتها ظنية تحتمل النقيض، إذ ليس فى الأمارة جهة دلالة قطعية لأن الطواف بالليل ليس مما يوجب السرقة فاستلزام الأمارة للنتيجة ليس بلازم ومع عدم اللزوم ليس بدائم؛ وذلك لأنه ليس بين الظن وبين أمر ما ربط عقلى بحيث يمتنع تخلفه عن ذلك الأمر فإن الظن قد يزول بمعارض كما إذا أخبر عدل بحكم وآخر بنقيضه وقد يزول بظهور خلاف الظن بحس كما إذا ظن أن زيدًا فى الدار لكون مركبه وخدمه على الباب ثم يعاين خارج الدار أو بدليل كما إذا ظن بقول الفلاسفة قدم العالم ثم قام البرهان على حدوثه، وكذا الكلام فى الاعتقاد هذا ولنورد لبيان ما فى الكتاب بحثين:
الأول: أنه وقع فى نسخ المتن لتنتج قطعيًا ومعناه أن قطعية المقدمات تستلزم قطعية النتيجة؛ لأنه إذا كان الملزوم حقًا كان اللازم حقًا وهذا معنى قوله: لأن لازم الحق حق وقد يفهم منه أنه لا بد من قطعية المقدمات لتكون النتيجة قطعية بمعنى أن حقية المقدمات لازم لحقية النتيجة وهذا باطل؛ لأن الكاذب قد يستلزم الصادق كقولنا لو كان الإنسان فرسًا لكان حيوانًا فلهذا قال الشارح: وحينئذ تنتج تصريحًا بأن حقية المقدمات ملزومة وحقية النتيجة لازمة دون العكس لكن ظاهر