للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الأكثر على جواز نقل الحديث بالمعنى للعارف، وقيل بلفظ مرادف وعن ابن سيرين منعه، وعن مالك أنه يشدّد فى الباء والتاء، وحمل على المبالغة فى الأولى لنا القطع بأنهم نقلوا عنه أحاديث فى وقائع متحدة بألفاظ مختلفة شائعة ذائعة ولم ينكره أحد وأيضًا ما روى عن ابن مسعود، وغيره أنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذا أو نحوه ولم ينكره أحد وأيضًا أجمع على تفسيره بالعجمية فالعربية أولى، وأيضًا فإن المقصود المعنى قطعًا وهو حاصل، قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: "نضر اللَّه امرأ"، قلنا دعاء له لأنه الأولى ولم يمنع، قالوا يؤدى إلى الإخلال لاختلاف العلماء فى المعانى، وتفاوتهم فإذا قدر ذلك مرتين أو ثلاثًا اختل بالكلية، وأجيب بأن الكلام فيمن نقل بالمعنى سواء).

أقول: قد اختلف فى جواز نقل الحديث بالمعنى والنزاع فيمن هو عارف بمواقع الألفاظ وأما غيره فلا يجوز منه اتفاقًا، والمختار جوازه مع أن الأولى نقله بصورته ما أمكن وقيل: إنما يجوز بلفظ مرادف أى بتبديل لفظه بما يرادفه، وروى عن ابن سيرين وأبى بكر الرازى منعه ووجوب نقله بصورته، وروى عن مالك أنه كان يشدّد فى الباء والتاء، فى مثل باللَّه وتاللَّه، فلا يجوز أحدهما مكان الآخر مع ترادفهما وتوازيهما وحمل تشديده ذلك على المبالغة فى أن الأولى صورته لا أنه يجب صورته لنا القطع أنهم نقلوا عنه أحاديث فى وقائع متحدة بألفاظ مختلفة، والذى قال عليه الصلاة والسلام واحد قطعًا والباقية نقل بالمعنى وتكرر ذلك وشاع وذاع ولم ينكره أحد، فكان ذلك إجماعًا على جوازه عادة، ولنا أيضًا أنه قد روى عن ابن مسعود رضى اللَّه عنه وغيره أنهم قالوا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كذا أو نحوه وذلك تصريح بعدم تذكر اللفظ بعينه، وأن الروى هو المعنى ولم ينكر عليهم أحد فكان إجماعًا ولنا أيضًا أنه أجمع على جواز تفسيره بالعجمية فتفسيره بالعربية أولى بالجواز لأنه أقرب نظمًا وأوفى بمقصود تلك اللغة من لغة أخرى، ولنا أيضًا أنا نعلم أن المقصود فى التخاطب إنما هو المعنى ولا عبرة باللفظ.

قالوا: أوّلًا: قال عليه الصلاة والسلام: "نضر اللَّه امرأ. . . إلخ".

الجواب: أن هذا لا دلالة له على مطلوبكم فإنه دعاء لمن نقله بصورته لأنه أولى ولم يمنع فيه النقل بالمعنى، ويمكن أن يقال أيضًا بالموجب، فإن من نقل المعنى أداه كما سمعه، ولذلك يقول المترجم: أديته كما سمعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>