قال: (مسألة: خطابه لواحد لا يعم خلافًا للحنابلة لنا ما تقدَّم من القطع ولزوم التخصيص ومن عدم فائدة حكمى على الواحد، قالوا:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}[سبأ: ٢٨]، "بعثت إلى الأسود والأحمر" يدل عليه وأجيب بأن المعنى تعريف كل ما يختص به ولا يلزم اشتراك الجميع قالوا: حكمى على الواحد حكمى على الجماعة، يأبى ذلك، قلنا إنه محمول على أنه على الجماعة بالقياس أو بهذا الدليل لا أن خطاب الواحد للجميع، قالوا: نقطع بأن الصحابة حكمت على الأمة بذلك كحكمهم بحكم ماعز فى الزنا وغيره، قلنا إن كانوا حكموا للتساوى فى المعنى فهو القياس وإلا فخلاف الإجماع، قالوا: لو كان خاصًا لكان "يجزئك ولا يجزئ أحدًا بعدك" وتخصصه عليه الصلاة والسلام خزيمة بقبول شهادته وحده، زيادة من غير فائدة، قلنا فائدته قطع الإلحاق كما تقدَّم).
الأول: خطاب الشارع لواحد من الأمة لا يعم جميع الأمة بصيغته فلا يتناول الباقين بخلاف الحنابلة ولعلهم لا يدعون تناوله بصيغته بل بالقياس، أو بقوله:"حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" لنا ما تقدَّم من القطع بأن خطاب المفرد لا يتناول غيره ومن لزوم كون إخراج الغير تخصيصًا وأنه يلزم عدم فائدة قوله: حكمى على الواحد حكمى على الجماعة لفهم ما يتضمنه من الخطاب نفسه بصيغته.
قالوا: أولًا: النصوص تدل على تعميم أحكامه مثل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}[سبأ: ٢٨]، وقوله عليه الصلاة والسلام:"بعثت إلى الناس كافة"، وقوله:"بعثت إلى الأسود والأحمر" أى العرب والعجم.
الجواب: منع دلالتها على تعميم مثل ذلك وإنما تدل لو دلت على عموم كل حكم لكل مكلف وفساده ظاهر بل معنى التعميم أنه بعث ليعرّف كل أحد من الناس من مقيم ومسافر وعبد وحر وطاهر وحائض ما يختص به من الأحكام لا أن الكل للكل.
قالوا: ثانيًا: قوله عليه الصلاة والسلام: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" يأبى ما ذكرتم من عدم تناول حكم الواحد للجميع بصريحه.
الجواب: منع كونه يأباه لأنه محمول على أنه يعم بالقياس أو بهذا الدليل لا أن الخطاب الواحد خطاب للجميع لغة وفيه وقع النزاع.