قالوا: ثالثًا: نحن نعلم قطعًا أن الصحابة كانوا يحكمون على الجماعة فى الحوادث بما حكم به النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- على الواحد كحكمهم برجم كل زانٍ لرجمه ماعزًا وضرب الجزية على كل مجوسى لضربه إياها على مجوس هجر، وشاع وذاع ولم ينكر فكان إجماعًا.
الجواب: إن كان حكمهم بذلك بعد علمهم بتساوى الأمة فى المعنى المعلل به ذلك الحكم كالزنا للرجم والمجوسية للجزية فهو معنى القياس والإلحاق به مما لا نزاع فيه وإن كان بدون ذلك فهو خلاف الإجماع فلا يجوز دعوى الإجماع عليه.
قالوا: رابعًا: لو كان الخطاب لواحد خاصًا به لكان قوله عليه الصلاة والسلام لأبى بردة فى الكفارة حين أجازه فى أكل التمر الذى أمره بإطعامها: "يجزئك ولا يجزئ أحدًا بعدك" وتخصيصه خزيمة بقبول شهادته وحده وتخصيصه عبد الرحمن بن عوف بجواز لبس الحرير وغير ذلك زيادة من غير فائدة.
الجواب: منع عدم الفائدة بل فائدته نفى احتمال الشركة قطعًا للإلحاق بالقياس كما تقدَّم.
قوله:(بصيغته) تنصيص على محل النزاع إذ لا نزاع فى جواز تناوله الأمة بحسب الدليل ثم أشار إلى رفع النزاع باحتمال أنهم يريدون التناول بحسب الدليل دون الصيغة لأنه نزاع فيما علم ثبوته من اللغة قطعًا.
قوله:(وأنه يلزم) عطف على ما تقدَّم لأن ذلك ليس مما تقدَّم وإن كان ظاهر لفظ المتن يقتضيه يعنى يلزم أن لا تكون له فائدة أصلية من التأسيس إذ التأكيد خلاف الأصل وقد يقال فائدته دفع التوهم وقطع الاحتمال لأن عموم خطاب الواحد للأمة ظاهر لا قطعى ومختلف فيه لا متفق عليه.
قوله:(وإنما يدل لو دلت) هذا على طريق الفرض والمساهلة وإلا فعموم كل حكم لكل مكلف لا يقتضى تناول كل خطاب بصيغته للكل.
قوله:(لأن الكل للكل) يعنى ليس معنى التعميم أن كل حكم ثابت لكل مكلف حتى يجب على المريض والحائض مثلًا ما يجب على الصحيح والطاهر، ولا خفاء أن الأولى لكل بالتنكير إذ كون الكل للكل حق ولا يقتضى أن يثبت الكل بل