قال:(مسألة: المشتق ما وافق أصلًا بحروفه الأصول ومعناه وقد يزاد بتغيير ما وقد يطرد كاسم الفاعل وغيره وقد يختص كالقارورة والدبران).
أقول: اشترط فى المشتق أمورًا:
أحدها: أصل له فإنه فرع ولو كان أصلًا فى الوضع غير مأخوذ من غيره لم يكن مشتقًا منه.
ثانيها: أن يوافقه فى الحروف إذ الأصالة والفرعية لا تتحققان بدونه والمعتبر الحروف الأصلية فإن حروف الزيادة مثل الاستعجال والاستباق لا عبرة بها.
ثالثها: الموافقة فى المعنى بأن يكون فيه معنى الأصل إما مع زيادة كالضرب والضارب فإن الضارب ذات ثبت له الضرب وإما دونها كالقتل مصدرًا من القتل وربما زيد فى الحد بتغيير ما أى فى المعنى فيخرج المقتل مع القتل صرح به فى المنتهى وحمله على تغيير اللفظ كما فى كلام غيره لا يستقيم ههنا إذ الأصالة والفرعية لا تتصوران إلا بمغايرة وإلا كان مترادفًا ولذلك لم يجعله من ذكره قيدًا فى الحد بل قال بعد تمامه ولا بد من تغيير وهو إما بحركة أو بحرف بزيادة أو بنقصان التركيب ثناء وثلاث ورباع يرتقى إلى خمسة عشر وذكروا أمثلتها فجعل ذكره تمهيدًا للقسمة لا قيدًا.
واعلم أن الاشتقاق تعتبر فيه الموافقة فى الحروف الأصول مع الترتيب كضرب وضارب ويسمى الأصغر أو بدونه نحو كنى وناك ويسمى الصغير أو المناسبة فيها نحو ثلم وثلب ويسمى الأكبر ويعتبر فى الأصغر موافقته فى المعنى وفى الأخيرين مناسبته فينبغى أن يكون مراده بحروفه الأصول هى على ترتيبها وأيضًا فاعلم أن الاشتقاق يحدّ تارة باعتبار العلم كما قال الميدانى هو أن تجد بين اللفظين تناسبًا فى المعنى والتركيب فتردّ أحدهما إلى الآخر وتارة باعتبار العمل كما يقال هو أن تأخذ من اللفظ ما يناسبه فى التركيب فتجعله دالًا على معنى يناسب معناه وأنت تعلم كيفية أخذ حدّه من حد المصنف للمشتق بالاعتبارين هذا والمشتق قد يطرد كأسماء الفاعلين والصفات المشبهة وأفعل التفضيل والزمان والمكان والآلة وقد لا يطرد نحو القارورة والدبران والعيوق والسماك وتحقيقه أن وجود معنى الأصل فى محل التسمية قد يعتبر من حيث إنه داخل فى التسمية والمراد ذات ما باعتبار نسبة له إليها فهذا يطرد فى كل ذات كذلك وقد يعتبر من حيث إنه مصحح لتسمية مرجح لها