قال:(مسألة: التعبد بخبر الواحد العدل جائز عقلًا خلافًا للجبائى، لنا القطع بذلك قالوا يؤدى إلى تحليل الحرام وعكسه، قلنا إن كان المصيب واحدًا فالمخالف ساقط كالتعبد بالمفتى والشهادة وإلا فلا يرد وإن تساويا فالوقف والتخيير يدفعه، قالوا لو جاز لجاز التعبد فى الإخبار عن البارى قلنا للعلم بالعادة أنه كاذب).
أقول: التعبد بخبر الواحد العدل وهو أن يوجب الشارع العمل بمقتضاه على المكلفين جائز عقلًا خلافًا لأبى على الجبائى، لنا القطع بذلك فإنا لو فرضنا أن الشارع يقول للمكلف: إذا أخبرك عدل بشئ فاعمل بموجبه، وعرضناه على عقولنا فإنا نعلم قطعًا أنه لا يلزم من فرض وقوعه محال لذاته.
قالوا: أولًا: أنه وإن لم يكن ممتنعًا لذاته فهو ممتنع لغيره لأنه يؤدى إلى تحليل الحرام وتحريم الحلال، بتقدير كذبه فإنه ممكن قطعًا وذلك باطل وما يؤدى إلى الباطل لا يجوز عقلًا.
الجواب: إن قلنا: كل مجتهد مصيب فسقوطه ظاهر إذ لا حلال ولا حرام فى نفس الأمر إنما هما تابعان لظن المجتهد ويختلف بالنسبة فيكون حلالًا لواحد حرامًا لآخر، وإن قلنا: المصيب واحد فقط فلا يرد أيضًا لأن الحكم المخالف للظن ساقط عنه إجماعًا، وما هو إلا كالتعبد بقول المفتى والشاهدين إذا خالفا ما فى الواقع، وهذا يصلح مستندًا ونقضًا بالاستقلال، لا يقال هذا بالنسبة إلى مجتهدين لكن يؤدى إلى التناقض عند تساوى الخبرين بالنسبة إلى مجتهد واحد لتعارضهما من غير ترجيح لأنا نقول: التوقف وهو عدم العمل بهما، كأن لا دليل إذ شرط العمل عدم المعارض أو التخيير وهو تجويز العمل بأيهما شاء يدفع وروده.
قالوا: ثانيًا: لو جاز التعبد به لجاز التعبد فى الإخبار عن البارى وهو باطل، بغير معجزة إجماعًا.
فالجواب: لا نسلم الملازمة لأن العادة ثمة قد أفادت أن من ادعى النبوة بدون معجزة فهو كاذب وأيضًا فالفرق بأنه يفضى ذلك إلى كثرة الكذب فيه عادة بخلاف الإخبار.
قوله:(وهذا) أى التعبد بقول المفتى والشاهدين يصلح مستندًا لمنع وروده على تقدير كون المصيب واحدًا، ونقضًا للدليل بأنه لو صح بجميع مقدماته لما جاز