للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الإجماع لا يكون إلا عن مستند لأنه يستلزم الخطأ ولأنه مستحيل عادة، قالوا: لو كان عن دليل لم يكن له فائدة، قلنا: فائدته سقوط البحث وحرمة المخالفة وأيضًا فإنه يوجب أن يكون عن غير دليل ولا قائل به).

أقول: لا يجوز الإجماع إلا عن مستند من دليل أو أمارة لأن عدم المستند يستلزم الخطأ فلو أجمع لا عن مستند اجتمع الأمة على الخطأ ولأن اتفاق الكل لا لداعٍ يستحيل عادة كالاجتماع على أكل طعام واحد.

قالوا: لو كان عن مستند لاستغنى به عن الإجماع، فلم يكن للإجماع فائدة؟

الجواب: أولًا منع الملازمة إذ فائدته سقوط البحث وحرمة المخالفة، وثانيًا: أنه يقتضى أنه يجب أن يكون لا عن دليل وذلك مما لم يقل به أحد.

قوله: (لأنه يستلزم الخطأ) قيل لأن القول فى الدين بلا دليل وأمارة خطأ ورد بالمنع لجواز أن يوفقهم اللَّه تعالى لاختيار الصواب وقيل المراد جواز الخطأ فإن القول بلا دليل قد لا يكون حقًا واللازم باطل لأنه يقدح فى عصمة أهل الإجماع عن الخطأ على ما ثبت بالأدلة السمعية واعترض بأنه إنما يلزم جواز الخطأ لو لم يقع الإجماع وأما إذا وقع فاللَّه سبحانه يوفقهم لاختيار الصواب قطعًا بحيث يستحيل الخطأ على ما دلت عليه الأدلة السمعية وأيضًا لو صح هذا لزم أن لا يصح الإجماع عن سند ظنى لاستلزامه جواز الخطأ.

قوله: (فلم يكن للإجماع فائدة) يعنى لإثبات كون الإجماع حجة على ما صرح به فى الأصل واللازم باطل لأن العلماء اشتغلوا بذلك وبالغوا فيه إثباتًا ونفيًا فلا يكون عبثًا أما إذا حمل على أنه لم يكن لنفس الإجماع على المسألة فائدة فيتعذر إبطال اللازم كما فى الاتفاق على موجب الدليل القاطع الظاهر.

قوله: (كما فى الاتفاق على موجب الدليل القطعى الظاهر) أى فإنه لا فائدة فى ذلك الاتفاق مع ذلك الدليل القطعى الظاهر ولا يتأتى منع عدم الفائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>