للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الصحابى من رأى النبى عليه الصلاة والسلام وإن لم يرو ولم تطل وقيل إن طالت، وقيل إن اجتمعا، وهى لفظية وإن ابتنى عليها ما تقدَّم لنا يقبل التقييد بالقليل والكثير فكان المشترك كالزيارة والحديث ولو حلف أن لا يصحبه حنث بلحظة، قالوا أصحاب الجنة وأصحاب الحديث الملازم، قلنا عرف فى ذلك، قالوا يصح نفيه عن الوافد والرائى، قلنا نفى الأخص لا يستلزم نفى الأعم).

أقول: قد اختلف فى الصحابى فقيل: هو من رأى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن لم يرو عنه حديثًا ولم تطل صحبته له، وقيل إن طالت الصحبة وقيل إن اجتمعا أى طول الصحبة والرواية، والحق أن المسألة لفظية، وإن ابتنى عليها ما تقدَّم من عدالة الصحابة لنا أن الصحبة فعل يقبل التقييد بالقليل والكثير، بأن يقال: صحبه قليلًا أو كثيرًا، من غير تكرار، ولا نقض فوجب جعله للقدر المشترك بينهما دفعًا للمجاز والاشتراك كالزيارة والحديث فإنهما لما احتملا القليل والكثير جعل المحدث والزائر لمن اتصف بالقدر المشترك وأيضًا لو حلف لا يصحب فلانًا فصحبه لحظة حنث بالاتفاق، ولو شرط فيه الأمران أو أحدهما لما كان كذلك ولا يخفى أن ذلك إنما يأتى فى الصاحب لغة وأما الصحابى بياء النسبة المخصوص فى العرف بأصحاب النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا.

قالوا: أولًا: إذا قيل أصحاب الجنة وأصحاب الحديث فهم الملازمة بينهما ولو كانا لغير الملازم حقيقة لما فهم منه إذ العام لا يفهم منه الخاص بعينه.

الجواب: فهم الملازمة بينهما لعرف مجدد لأنه فى الوضع كذلك ولم يثبت مثله فى الصحابى.

قالوا: ثانيًا: لولا أن الصحابى يدل على الملازمة لما صح نفيه عن الوافد على الرسول أو الرائى، إذ الأصل اطراد الحقيقة وصحة النفى علامة المجاز لكنه يصح إذ يقال لم يكن صحابيًا لكنه وفد عليه من بنى فلان أو رآه ولم يصاحبه.

الجواب: أن المنفى الصحبة بقيد اللزوم أو المطلق الثانى ممنوع بل هو أول المسألة، والأول مسلم، ولا يفيد المطلوب لأن نفى الأخص وهو الصحبة المقيدة لا يستلزم نفى الأعم وهو الصحبة المطلقة.

قوله: (الصحابى من رآه -صلى اللَّه عليه وسلم-) أى مسلم رأى النبى يعنى صحبه ولو أعمى وفى

<<  <  ج: ص:  >  >>