قال:(مسألة: صيغة الأمر بمجردها لا تدل على تكرار ولا على مرة وهو مختار الإمام الأستاذ للتكرار مدة العمرة مع الإمكان، وقال كثير للمرة ولا يحتمل التكرار، وقيل بالوقف. لنا أن المدلول طلب حقيقة الفعل، والمرة والتكرار خارجى ولذلك يبرأ بالمرة وأيضًا فإنا قاطعون بأن المرة والتكرار من صفات الفعل كالقليل والكثير، ولا دلالة للموصوف على الصفة).
أقول: صيغة الأمر بمجردها لا تدل على فعل المأمور به متكررًا ولا على فعله مرة واحدة وهو مختار إمام الحرمين، وقال الأستاذ أبو إسحاق: هو التكرار مدة العمر إن أمكن، وقال كثير مثل أبى الحسين وغيره: هو للمرة ولا يحتمل التكرار وقيل بالوقف بمعنى لا ندرى، لنا أن مدلول صيغة الأمر طلب حقيقة الفعل والمرة والتكرار بالنسبة إلى الحقيقة أمر خارجى فيجب أن يحصل الامتثال بالحقيقة مع أيهما حصل ولا يتقيد بأحدهما دون الآخر ولذلك يبرأ بالمرة الواحدة لا لأنها تدل على المرة الواحدة بخصوصها، ولنا أيضًا أنا قاطعون بأن المرة والتكرار من صفات الفعل كالقليل والكثير لأنك تقول اضرب ضربًا قليلًا، أو كثيرًا، أو مكررًا، أو غير مكرر، فيقيد بصفاته المتنوعة ومن المعلوم أن الموصوف بالصفات المتقابلة لا دلالة له على خصوصية شئ منها وإذا ثبت ذلك فمعنى اضرب طلب ضرب ما فلا يدل على صفة للضرب من تكرار أو مرة، وهو المطلوب، وقد يقال: دليلاك يفيدان عدم الدلالة عليهما بالمادة فلم لا يدل عليهما بالصيغة وهو المتنازع فيه واحتمالهما لا يمنع ظهور أحدهما.
قوله:(بمعنى لا ندرى) ظاهره أن معنى التوقف فى مرادهم عدم العلم بأن وضع الصيغة للمرة أو للتكرار أو للمطلق من غير دلالة عليهما وقيل معناه التوقف فى مراد المتكلم بناء على الاشتراك.
قوله:(لا لأنها) إشارة إلى أن ليس معنى قوله ولذلك يبرأ ما فهمه الشارحون من نفى التكرار، أى ولكون التكرار خارجًا يخرج المأمور عن العهدة بمرة واحدة بشهادة العرف واللغة بل معناه دفع وهم كونه للمرة بناء على حصول البراءة بالمرة أى ولكونها لطلب الحقيقة المتحققة فى ضمن كل فرد من المرة والتكرار يحصل الامتثال بالمرة لا لكونها للمرة بخصوصها لكن هذا بعينه استدلال القائلين بالمرة مع