قال:(النسخ الإزلة نسخت الشمس الظل، والنقل نسخت الكتاب، ونسخت النحل، ومنه المناسخات فقيل مشترك، وقيل للأول وقيل للثانى، وفى الاصطلاح: رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر فيخرج المباح بحكم الأصل والرفع بالنوم والغفلة ونحو صل إلى آخر الشهر ونعنى بالحكم ما يحصل على المكلف بعد أن لم يكن فإن الوجوب المشروط بالعقل لم يكن عند انتفائه قطعًا فلا يرد والحكم قديم، فلا يرتفع لأنا لم نعنه والقطع بأنه إذا ثبت تحريم شئ بعد وجوبه انتفى الوجوب وهو المعنى بالرفع).
أقول: ما مر كان يشترك فيه الكتاب والسنة والإجماع، وهذا هو النسخ يشترك فيه الكتاب والسنة دون الإجماع، لما سنبين أنه لا ينسخ ولا ينسخ به، والنسخ فى اللغة يقال لمعنيين: للإزالة، نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح آثار القدم أى أزالته، وللنقل: نسخت الكتاب، أى: نقلت ما فيه إلى آخره ونسخت النحل أى نقلتها من موضع إلى موضع، ومنه المناسخات فى المواريث لانتقال المال من وارث إلى وارث، والتناسخ فى الأرواح لأنه نقل من بدن إلى بدن، واختلف فى حقيقته، فقيل حقيقة لهما فهو مشترك بينهما، وقيل للأول، وهو الإزالة، وللنقل مجاز باسم اللازم، إذ فى النقل: إزالة عن موضعه الأول، وقيل للثانى، وهو النقل والإزالة مجاز باسم اللزوم ولا يتعلق به غرض علمى، وأما فى الاصطلاح، فهو: رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر، فقوله: رفع الحكم الشرعى ليخرج المباح بحكم الأصل فإن رفعه بدليل شرعى ليس بنسخ وقوله: بدليل شرعى ليخرج رفعه بالموت والنوم والغفلة والجنون، وقوله: متأخر ليخرج نحو: صل عند كل زوال إلى آخر الشهر، وإن كان يمكن أن يقال: إنه ليس برفع فإن الحكم لم يثبت بأول الكلام لأن الكلام بالتمام فكيف يرفع؟ لكن التصريح ودفع التوهم مما يقصد فى الحدود، وربما يقال عليه: إن الحكم كلام اللَّه، وهو قديم وما ثبت قدمه امتنع عدمه، فلا يتصور رفعه ولا تأخره عن غيره.
فأجاب عنه: بأنا نريد بالحكم ما ثبت على المكلف بعد أن لم يكن ثابتًا، فإنا