نقطع بأن الوجوب المشروط بالعقل لم يكن قبل العقل ثم ثبت بعده وذلك ليس بقديم فيمتنع انتفاؤه وتأخره، ثم إنا نعلم قطعًا أنه إذا ثبت تحريم شئ بعد وجوبه فقد انتفى الوجوب وهذا هو الذى نعنيه بالرفع وإذا تصورنا الحكم والرفع كذلك كان إمكان رفعه ضروريًا وكذا تأخره.
قوله:(دون الإجماع) لم يتعرض للقياس لأنه لم يكن له دخل فيما سبق أيضًا من أقسام المتن وما سيجئ من أن القياس القطعى فى حياة النبى عليه السلام قد نسخ لا عبرة به لقلته وكونه بمنزلة النص.
قوله:(ونسخت النحل) المنقول بالحاء المهملة وقال السجستانى: النسخ أن يحول ما فى الخلية من النحل والعسل إلى أخرى.
قوله:(إذ فى النقل إزالة عن موضعه) مشعر بأن الإزالة لازم والنقل ملزوم فلا يستقيم ما وقع فى بعض النسخ من كونه للنقل مجازًا باسم الملزوم وللإزالة باسم اللازم، بل بالعكس، نعم لو ذكر أن فى الإزالة نقلًا من حالة إلى حالة يصح ذلك وأما ما ذكره السكاكى من أن ذكر اللازم وإرادة الملزوم كناية لا مجاز فتكلف لا ثبت له بل التحقيق أن الانتقال لا يكون إلا من الملزوم لكنه قد يكون لازمًا فيجعل ملزومًا بنوع تكلف كإطلاق النبات على المطر.
قوله:(ليخرج رفعه بالموت والنوم) اعترض العلامة أن الرفع بالنوم والغفلة أيضًا بدليل شرعى وهو قوله عليه السلام: "رفع القلم عن ثلاث. . "، وأجيب بأن العقل حاكم بأن شرط التكليف التعقل ويستوى فى امتناع التكليف الميت والنائم والغافل والنصوص الواردة فى ذلك ليست رافعة بل مثبتة أن مثل النوم والنسيان هو الرافع.
قوله:(وإن كان يمكن) إشارة إلى اعتراض أورده العلامة وذكر أنه مصرح فى كلام الإمام حيث قال فى البرهان: قال القاضى: النسخ رفع الحكم بعد ثبوته ولا يحتاج إلى التقييد بالتأخر فإن اللفظ الذى ينتظم لقصد التأسيس ليس فيه رفع حكم بعد ثبوته فى قصد الشارع ثم قال: والعجب من المصنِّف أنه سلم ورود هذا على الغزالى وغفل أو تغافل عن وروده عليه وما ذكره المحقق من أنه للتصريح أو لرفع الوهم جيد إلا أنه ينبغى أن لا يعترض بمثله على غيره وكم مثله.