قال:(مسألة: فى القرآن معرّب، وهو عن ابن عباس وعكرمة رضى اللَّه عنهم، ونفاه الأكثرون لنا المشكاة هندية، وإستبرق وسجيل فارسية، وقسطاس رومية. قولهم: مما اتفق فيه اللغتان كالصابون والتنور بعيد وإجماع العربية على أن نحو إبراهيم منع من الصرف للعجمة والتعريف يوضحه المخالف بما ذكر فى الشرعية وبقوله: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤]، فنفى أن يكون متنوعًا وأجيب بأن المعنى من السياق أكلام أعجمى ومخاطب عربى لا يفهمه وهم يفهمونها ولو سلم نفى التنويع فالمعنى أعجمى لا يفهمه).
أقول: القرآن فيه ألفاظ معرّبة وهو مروى عن ابن عباس وعكرمة رضى اللَّه عنهم ونفاه الأكثرون لنا أن المشكاة هندية والإستبرق والسجيل فارسيتان والقسطاس رومية وقول الأكثر لا نسلم أن ذلك من المعرّب لجواز كونه مما اتفق فيه اللغتان كالصابون والتنور بعيد لندرة مثله والاحتمالات البعيدة لا تدفع الظهور ولا تقدح فى الظواهر هذا وأن إجماع أهل العربية على أن منع صرف إبراهيم ونحوه للعجمة والتعريف يوضح ما ذكرناه من وقوع المعرّل فيه وجعل الأعلام من المعرّب أو مما فيه النزاع محل المناقشة.
احتج المخالف أولًا: بما مر فى نفى الأسماء الشرعية من لزوم أن لا يكون القرآن عربيًا والجواب الجواب، وثانيًا: بقوله تعالى: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤]، فنفى أن يكون القرآن متنوعًا وهو لازم لوجود المعرّب فيه فينتفى.
الجواب: لا نسلم أنه نفى التنويع بل المراد أكلام أعجمى ومخاطب عربى فلا يفهمه فيبطل غرض إنزاله يدل عليه سياق الآية من ذكر كون القرآن عربيًا وأنه لو أنزل أعجميًا لقالوا ذلك، وهذه الألفاظ كانوا يفهمونها فلا تندرج فى الإنكار سلمنا أنه لنفى التنويع لكن المراد أعجمى لا يفهم، وهذه تفهم فلا تندرج فى الإنكار.
قوله:(محل المناقشة) لأن النزاع فى أسماء الأجناس المنسوبة إلى لغة أخرى المتصرف فيها عند العرب بدخول اللام والإضافة ونحو ذلك والإعلام بحسب وضعها العلمى ليست مما ينسب إلى لغة دون لغة ولا هى أيضًا مما تصرفت فيها العرب فاستعملتها فى كلامهم.