قال:(والاستدلال يطلق على ذكر الدليل ويطلق على نوع خاص وهو المقصود فقيل ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس وقيل ولا قياس علة فيدخل نفى الفارق والتلازم وأما نحو وجد السبب أو المانع أو فقد الشرط فقيل دعوى دليل وقيل دليل وعلى أنه دليل قيل استدلال وقيل إن أثبت بغير الثلاثة).
أقول: قد فرغ من القياس فشرع فى الاستدلال وهو آخر الأدلة الشرعية والاستدلال فى اللغة طلب الدليل وفى العرف يطلق على إقامة الدليل مطلقًا من نص أو إجماع أو غيرهما وعلى نوع خاص منه وهو المقصود ههنا فقيل هو ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس وليس ذلك لكونه تعريف بعض الأنواع ببعض تعريفًا بالمساوى فى الجلاء والخفاء بل لسبق معرفتك بتلك الأنواع تعريف للمجهول بالمعلوم وقيل مكان قولنا ولا قياس ولا قياس علة فيدخل فيه القياس بنفى الفارق وهو الذى سماه قياسًا فى معنى الأصل وقياس التلازم ونعنى به إثبات أحد موجبى العلة بالآخر لتلازمهما وهو الذى سماه قياس الدلالة وهما غير داخلين فى الأول فالأول أخص واعلم أن الفقهاء كثيرًا ما يقولون وجد السبب فيوجد الحكم أو وجد المانع أو فقد الشرط فيعلم الحكم فقيل ليس بدليل إنما هو دعوى دليل، فهو بمثابة قوله وجد دليل الحكم فيوجد الحكم ولا يكون دليلًا ما لم يتعين وإنما الدليل ما يستلزم الحكم وهو وجود السبب الخاص أو وجود المانع أو عدم الشرط المخصوص وقيل هو دليل إذ لا معنى للدليل إلا ما يلزم من العلم به العلم بالمدلول وهو كذلك وبناءً على أنه دليل فقيل هو استدلال مطلقًا لأنه غير النص والإجماع والقياس وقيل استدلال إن ثبت وجود السبب أو المانع أو فقد الشرط بغير الثلاثة وإلا فهو من قبيل ما ثبت به إن نصًا وإن إجماعًا وإن قياسًا وهذا هو المختار.
قوله:(وليس ذلك) إشارة إلى جواب سؤال على التعريف وقوله لكونه تعريف بعض الأنواع تعليل للمنفى يعنى لا يتوهم أن هذا تعريف بالمساوى فى الجلاء