(قال: البيان والمبين: يطلق البيان على فعل المبين وعلى الدليل وعلى المدلول فلذلك قال الصيرفى: إخراج الشئ من حيز الإشكال إلى حيز التجلى والوضوح وأورد البيان ابتداء والتجوّز بالحيز وتكرير الوضوح، وقال القاضى: والأكثر الدليل وقال البصرى العلم عن الدليل والمبين نقيض الجمل، وقد يكون فى مفرد وفى مركب وفى فعل وإن لم يسبق إجمال).
أقول: البيان يطلق على فعل المبين وهو التبيين كالسلام والكلام للتسليم والتكليم، واشتقاقه من بان إذا ظهر أو انفصل وعلى ما حصل به التبيين وهو الدليل وعلى متعلق التبيين ومحله وهو المدلول، وبالنظر إلى المعانى الثلاثة اختلف تفسير العلماء له فقال الصيرفى بالنظر إلى الأول وهو الإخراج من حيز الإشكال إلى حيز التجلى والوضوح وأورد عليه ثلاثة إشكالات: أحدها: البيان ابتداء من غير تقرر إشكال بيان وليس ثمة إخراج من حيز الإشكال، ثانيها: أن لفظ الحيز فى الموضعين مجاز والتجوز فى الحد لا يجوز، ثالثها: أن الوضوح هو التجلى بعينه فيكون مكررًا, ولا يخفى أنها مناقشات واهية، وقال القاضى والأكثرون نظرًا إلى الثانى أنه هو الدليل، وقال أبو عبد اللَّه البصرى نظرًا إلى الثالث وهو العلم عن الدليل والمبين نقيض المجمل فهو المتضح الدلالة وكما انقسم المجمل إلى المفرد والمركب فكذلك مقابله المبين قد يكون فى مفرد وفى مركب وقد يكون فى فعل وقد يكون فيما يسبق له إجمال، وهو ظاهر، وقد يكون ولم يسبق إجمال، كمن يقول ابتداءً:"اللَّه بكل شئ عليم".
قوله:(وقد يكون فيما يسبق له إجمال) إشارة إلى أن قوله وإن لم يسبق إجمال ليس مختصًا بالفعل على ما وقع فى بعض الشروح.