قال:(المحكوم فيه: الأفعال: مسألة: شرط المطلوب الإمكان، ونسب خلافه إلى الأشعرى، والإجماع على صحة التكليف بما علم اللَّه أنه لا يقع لنا لو صح التكليف بالمستحيل لكان مستدعى الحصول لأنه معنى الطلب ولا يصح لأنه لا يتصور وقوعه واستدعاء حصوله فرعه لأنه لو تصوّر مثبتًا لزم تصور الأمر على خلاف ماهيته وهو محال، فإن قيل: لو لم يتصوّر لم يعلم إحالة الجمع بين الضدين لأن العلم بصفة الشئ فرع تصوّره، قلنا الجمع المتصوّر جمع المختلفات وهو المحكوم بنفسه ولا يلزم من تصوّره منفيًا عن الضدين تصوّره مثبتًا، فإن قيل: متصوّر ذهنًا للحكم عليه ولا فى الخارج؟ قلنا فيكون الخارج مستحيلًا والذهنى بخلافه. وأيضًا يكون الحكم بالاستحالة على ما ليس بمستحيل، وأيضًا الحكم على الخارج يستدعى تصوره للخارج).
أقول: فرغ من أبحاث الحكم وشرع فى المحكوم فيه، وهو: أفعال المكلفين، وفيه مسائل، هذه أولاها: شرط المطلوب الإمكان، فلا يجوز طلب المحال والتكليف به عند المحققين ونسب خلافه إلى الأشعرى، ولم يثبت تصريحه به والإجماع منعقد على صحة التكليف بما علم اللَّه أنه لا يقع وإن ظن قوم أنه ممتنع لخيره، لنا لو صح التكليف بالمستحيل لكان المستحيل مستدعى الحصول واللازم باطل، أما الملازمة فلأن التكليف به هو الطلب وهو استدعاء الحصول، وأما بطلان اللازم فلأنه لا يتصور وقوعه واستدعاء حصوله فرع تصوّر الوقوع وموقوف عليه، فإذا انتنهى انتفى، وإنما قلنا: لا يتصوّر وقوعه لأنه لو تصوّر لتصوّر مثبتًا، ويلزم منه تصوّر الأمر على خلاف ماهيته؛ فإن ماهيته تنافى ثبوته وإلا لم يكن ممتنعًا لذاته فما يكون ثابتًا فهو غير ماهيته، وحاصله أن تصوّر ذاته مع عدم ما يلزم ذاته لذاته يقتضى أن تكون ذاته غير ذاته ويلزم قلب الحقائق؛ وتوضيحه أنا لو تصورنا أربعة ليس بزوج وكل ما ليس بزوج ليس بأربعة، فقد تصوّرنا أربعة ليست بأربعة فالمتصوّر لنا أربعة وليس بأربعة هذا خلف، فإن قيل: لو لم يتصوّر المستحيل لم يتصوّر الجمع بين الضدين فامتنع العلم بإحالة الجمع بين الضدين لأن إحالة