قال:(مسألة: مجهول الحال لا يقبل وعن أبى حنيفة قبوله، لنا الأدلة تمنع من الظن، فخولف فى العدل فيبقى ما عداه، وأيضًا الفسق مانع فوجب تحقق ظن عدمه كالصبا والكفر، قالوا: الفسق سبب التثبت، فإذا انتفى انتفى، قلنا لا ينتفى إلا بالخبرة أو التزكية، قالوا: نحن نحكم بالظاهر، ورد بمنع الظاهر وبنحو:{وَلَا تَقْفُ}[الإسراء: ٣٦]. قالوا: ظاهر الصدق كإخباره بالذكاة وطهارة الماء ونجاسته ورق جاريته. ورد بأن ذلك مقبول مع الفسق والرواية أعلى رتبة من ذلك).
أقول: مجهول الحال، وهو من لا تعلم عدالته لا تقبل روايته، وروى عن أبى حنيفة قبول روايته اكتفاءً بسلامته من الفسق ظاهرًا.
لنا الأدلة نحو:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[النجم: ٢٨]، دلت على المنع من اتباع الظن فى المعلوم عدالته وفسقه والمجهول فخولف فى المعلوم عدالته بدليل هو الإجماع فيبقى فيما عداه معمولًا به فيمتنع اتباع الظن فيه ومنه صورة النزاع وهو المجهول، وأيضًا الفسق مانع بالاتفاق فيجب تحقق ظن عدمه كالصبا والكفر فإنا لا نقنع بظهور عدمهما ما لم يتحقق.
قالوا: أولًا: الفسق شرط وجوب التثبت، فإذا انتفى الفسق انتفى وجوب التثبت وههنا قد انتفى الفسق فلا يجب التثبت.
الجواب: لا نسلم أنه ههنا انتفى الفسق بل انتفى العلم به ولا يلزم من عدم العلم بالشئ عدمه، والمطلوب العلم بانتفائه ولا يحصل إلا بالخبرة به أو بتزكية خبير به له واعلم أن هذا مبنى على أن الأصل الفسق أو العدالة والظاهر أنه الفسق لأن العدالة طارئة ولأنه أكثر.
قالوا: ثانيًا: قال عليه السلام: نحن نحكم بالظاهر. وهذا ظاهر، إذ يوجب ظنًا ولذلك أسلم أعرابى فشهد بالهلال، فقبل.
الجواب: أما أوّلًا فبأنا لا نسلم أن هذا ظاهر بل يستوى فيه صدقه وكذبه ما لم يعلم عدالته، وأما قصة الأعرابى فلعله عليه الصلاة والسلام عرف عدالته لأن الإسلام يجب ما قبله ولم يحدث بعد ما ينقض العدالة وأما ثانيًا: فلأنه معارض بنحو: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[النجم: ٢٨].
قالوا: ثالثًا: هو ظاهر الصدق فيقبل إخباره كإخباره بكون اللحم مذكاة وبكون الماء طاهرًا أو نجسًا، وبرق جاريته التى يبيعها إذ فى الكل لا يشترط العدالة ويكتفى