قال:(مسألة: لا تكليف إلا بفعل فالمكلف به فى النهى كف النفس عن الفعل وعن أبى هاشم وكثير نفى الفعل. لنا لو كان لكان مستدعى حصوله منه ولا يتصور لأنه غير مقدور له، وأجيب بمنع أنه غير مقدور له كأحد قولى القاضى، ورد بأنه كان معدومًا واستمر والقدرة تقتضى أثرًا عقلًا وفيه نظر).
أقول: أكثر المتكلمين على أن كل مكلف به فعل فالمكلف به فى النهى وهو الترك فعل أيضًا وهو كف النفس عن الفعل خلافًا لأبى هاشم وكثير فإنهم قالوا: قد يكون نفى الفعل وهو المكلف به فى النهى. لنا لو كان نفى الفعل مكلفًا به لكان مستدعى حصوله متصورًا وقوعه منه، لما مر ولا يمكن ذلك لأنه غير مقدور له، وقد أجيبا عنه: بأنا لا نسلم أنه غير مقدور لأن القدرة نسبتها إلى الطرفين سواء، فلو لم يكن نفى الفعل مقدورًا لم يكن الفعل مقدورًا وهذا أحد قولى القاضى، واعترض عليه بوجهين:
أحدهما: أنه كان معدومًا قبل واستمر، وما ثبت قبل القدرة فلا يكون أثرًا للقدرة المتأخرة.
وثانيهما: أن القدرة لا بد لها من أثر عقلًا والعدم لا يصلح أثرًا لأنه نفى محض وعدم صرف ويمكن أن يجعل هذا من تتمة الأول، ويكون معناه إذا كان العدم مستمرًا لم يصلح أثرًا للقدرة لأن القدرة لا بد لها من أثر يستند إليها ويتجدد بها، وفيه نظر، وهو: أنا لا نسلم أن استمراره لا يصلح أثرًا للقدرة إذ يمكنه أن لا يفعل فيستمر وأن يفعل فلا يستمر وأيضًا يكفى فى طرف النفى أثرًا أنه لم يشأ فلم يفعل وأما وجوب أن يفعل شيئًا فصادرة على المطلوب.
قوله:(وأيضًا يكفى فى طرت النفى) حاصله أنا لا نفسر القادر بالذى إن شاء فعل وإن شاء ترك، بل وإن لم يشأ لم يفعل فيدخل فى المقدور وعدم الفعل إذا ترتب على عدم المشيئة وكان الفعل مما يصح ترتبه على المشيئة وتخرج المعدومات التى ليست كذلك.
المصنف:(مسألة لا تكليف إلا بفعل) أى لا تكليف أمر أو نهى واقع إلا بفعل والمراد أنه لا يقع بعدم الفعل فالحصر إضافى للرد على من زعم وقوعه بعدم