قال:(التقليد والمفتى والمستفتى وما يستفتى فيه: فالتقليد العمل بقول غيرك من غير حجة وليس الرجوع إلى الرسول وإلى الإجماع والعامى إلى المفتى والقاضى إلى العدول بتقليد لقيام الحجة ولا مشاحة فى التسمية والمفتى الفقيه وقد تقدَّم والمستفتى خلافه فإن قلنا بالتجزئة فواضح والمستفتى فيه المسائل الاجتهادية لا العقلية على الصحيح).
أقول: لما فرغ من الاجتهاد شرع فى مقابله وهو الاستفتاء والبحث فيه عن المقلد والمفتى والاستفتاء وما فيه الاستفتاء ففيه أربعة أبحاث:
الأول: التقليد: وهو العمل بقول الغير من غير حجة كأخذ العامى والمجتهد بقول مثله وعلى هذا فلا يكون الرجوع إلى الرسول تقليدًا له وكذا إلى الإجماع وكذا رجوع العامى إلى المفتى وكذا رجوع القاضى إلى العدول فى شهادتهم وذلك لقيام الحجة فيها فقول الرسول بالمعجز والإجماع بما مر فى حجيته، وقول الشاهد والمفتى بالإجماع ولو سمى ذلك أو بعض ذلك تقليدًا كما سمى فى العرف أخذ المقلد العامى بقول الفتى تقليدًا فلا مشاحة فى التسمية، والاصطلاح.
الثانى: فى المفتى: وهو الفقيه وقد تقدم تعريف الفقه، ويعلم منه الفقيه لأنه من قام به الفقه.
الثالث: المستفتى: وهو خلافه فإن لم نقل بتجزؤ الاجتهاد وهو كونه مجتهدًا فى بعض المسائل دون بعض فكل من ليس مجتهدًا فى الكل فهو مستفت فى الكل وإن قلنا به فالأمر واضح أيضًا فإنه مستفت فيما ليس مجتهدًا فيه، مفت فيما هو مجتهد فيه، ولا يمتنع ذلك لأن شرط التقابل اتحاد الجهات.
الرابع: المستفتى فيه: المسائل الاجتهادية ولا استفتاء فى المسائل العقلية على القول الصحيح لوجوب العلم بها بالنظر والاستدلال كما سنقرر.
قوله:(شرع فى مقابله) إشارة إلى أن البحث عن التقليد بالعرض، ومن جهة أنه مقابل الاجتهاد، وبهذا يصح انحصار مقاصد الكتاب فى الأدلة السمعية