قال:(مسألة: إذا كذب الأصل الفرع سقط لكذب واحد غير معين ولا يقدح فى عدالتها فإن قال لا أدرى فالأكثر يعمل به خلافًا لبعض الحنفية، ولأحمد روايتان لنا عدل غير مكذب كالموت والجنون واستدل بأن سهيل بن أبى صالح روى عن أبيه عن أبى هريرة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد، ثم قال لربيعة لا أدرى، وكان يقول: حدَّثنى ربيعة عنى قلنا صحيح فأين وجوب العمل قالوا لو جاز لجاز فى الشهادة قلنا الشهادات أضيق، قالوا لو عمل به لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان ونسى قلنا يجب ذلك عند مالك وأحمد وأبى يوسف وإنما يلزم الشافعية).
أقول: إذا روى عدل عن عدل ثم كذب الأصل الفرع فى روايته عنه، وقال: لم أر وله هذا فالاتفاق على أنه يسقط أى لا يعمل بذلك الحديث لأن أحدهما كاذب قطعًا من غير تعيين ولا يقدح فى عدالتهما لأن واحدًا منهما بعينه لم يعلم كذبه وقد كان عدلًا ولا يرفع اليقين بالشك، هذا إذا كذب أما إذا قال: ما أدرى رويته له أم لا فالأكثر على أنه يعمل به خلافًا لبعض الحنفية ولأحمد فيه روايتان، لنا أنه عدل غير مكذب فوجب العمل بروايته كما لو مات الأصل أو جن فإن عدم تذكره دون ذلك قطعًا، وقد استدل بأن سهيل بن أبى صالح روى عن أبيه عن أبى هريرة أنهما قالا إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد، فروى عنه ربيعة ثم قال سهيل لربيعة: لا أدرى أرويته أم لا؟ لأنه قد نسى فكان سهيل إذا روى قال: حدَّثنى ربيعة عنى، أنى حدثته عن أبى.
والجواب: أنه إنما يدل على الوقوع ولا دليل فيه على وجوب العمل به.
قالوا: أولًا: لو جاز ذلك فى الرواية جاز مثله فى الشهادة واللازم منتف، للإجماع على أنه لا تقبل شهادة الفرع مع نسيان الأصل.
الجواب: منع الملازمة فإن باب الشهادة أضيق من باب الرواية فقد اعتبر فيه الحرية والذكورة والعدد وامتناع العنعنة وامتناع الحجاب وعينوا له لفظ أشهد دون أعلم.
قالوا: ثانيًا: لو عمل بروايته مع نسيان الأصل لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان بحكمه فى قضية وهو قد نسى حكمه فيها واللازم منتف.
والجواب: منع انتفاء اللازم إذ يجب عليه الحكم عند مالك وأحمد وأبى