قال:(مسألة: الحقيقة: اللفظ المستعمل فى وضع أوّل، وهى لغوية وعرفية وشرعية، كالأسد والدابة والصلاة، والمجاز المستعمل فى غير وضع أوّل على وجه يصح).
أقول: الغرض تعريف الحقيقة والمجاز وفيه بحثان:
الأول: فى الحقيقة: والحقيقة فى اللغة ذات الشئ اللازمة له من حق إذا لزم وثبت وفى الاصطلاح: اللفظ المستعمل فى وضع أول أى بحسب وضع أول كما يقال هذا المستعمل فى وضع الشرع أو فى وضع اللغة لكذا وليس فى صلة للاستعمال كما فى قولك استعمل فى هذا المعنى الفلاني وإلا لكان المراد بالوضع ما وضع له وهو خلاف الظاهر ولاحتاج إلى زيادة قيد وهو قوله فى اصطلاح التخاطب كما ذكره الجمهور وكان الحد بدونه مختلًا لأنه إذا كان التخاطب باصطلاح واستعمل فيما وضع له أولًا فى اصطلاح آخر لمناسبة بينه وبين ما وضع له فى اصطلاح التخاطب كان مجازًا مع أنه لفظ مستعمل فى شئ وضع له أولًا لكن ليس وضعه له أولًا فى اصطلاح التخاطب وإذا حملناه على ظاهره لم يحتج إلى ذلك القيد وصح الحدّ بدونه لأنه لم يستعمل فيه بوضع أول بل إما بلا وضع بل بالمناسبة أو بوضع غير أول بل ملحوظ فيه وضع سابق.
واعلم أن تعريفه هذا يعم الحقيقة اللغوية والشرعية والعرفية لأن الوضع المعتبر فيه إما وضع اللغة وهى اللغوية كالأسد للحيوان المفترس أو لا وهو إما وضع الشارع وهى الشرعية كالصلاة للأركان وقد كانت فى اللغة الدعاء أو لا وهى العرفية وهذه إما من قوم مخصوص وهى العرفية الخاصة بذلك القوم كاصطلاحات أهل كل صناعة من العلماء وغيرهم أو لا وهى العرفية العامة وغلبت العرفية عند الإطلاق فيها وتسمى الأخرى اصطلاحية وذلك كالدابة لذوات الأربع بعد أن كانت فى اللغة لكل ما يدب على الأرض.
الثانى: فى المجاز: والمجاز فى اللغة الانتقال مصدرًا بمعنى الجواز أو موضع الانتقال اسمًا للمكان منه وفى الاصطلاح اللفظ المستعمل فى غير وضع أول على وجه يصح والقيد الأخير احتراز عن مثل استعمال لفظ الأرض فى السماء وهذا ينطبق على مذهبى وجوب النقل فيه والاكتفاء بالعلاقة فكان أحسن مما يختص بمذهب نحو قولهم لعلاقة بينهما.