قوله:(الغرض تعريف الحقيقة والمجاز) يعنى أن الغرض من صدر المسألة تعريفهما وإلا فقد اشتملت المسألة على مباحث وأحكام، وفيه إشارة إلى أن المسألة وإن كانت عبارة عن إفادة التصديقات إلا أنها قد تشتمل على إفادة التصورات.
قوله:(الحقيقة فى اللغة ذات الشئ) لا خفاء فى أن هذا ليس وضعه الأول لأنه صيغة فعيل بمعنى فاعل أو مفعول على ما قرره أئمة العربية، وإنما أطلق على ذات الشئ لكونها ثابتة لازمة لكنه اقتفى أثر الآمدى فى الأحكام وهو أنسب لما أن اللفظ بالنسبة إلى معناه الموضوع له بمنزلة ذات الشئ وحقيقته وبالنسبة إلى الغير بمنزلة العارض.
قوله:(أى بحسب وضع أول) يعنى أن الاستعمال يكون باعتباره وبالنظر إليه ولأجله فاستعمال اللغوى الصلاة فى الأركان المخصوصة مجازًا؛ لاشتمالها على الدعاء ليس باعتبار وضع أول؛ بل باعتبار مناسبته للمعنى الموضوع له عند من يكتفى فى المجاز بالعلاقة المعتبر نوعها، وباعتبار وضع له ثان لما يشتمل على الدعاء مع ملاحظة وضعه السابق فى الدعاء، واعتبار مناسبة بينهما عند من يشترط فى أفراد المجازات السماع من أهل الوضع، واحترز بقوله ملحوظ فيه وضع سابق عما إذا نقل فى اللغة إلى معنى آخر مثلًا فإنه حقيقة لعدم ملاحظة الوضع السابق فاستعماله ليس إلا بحسب وضع هو أول فى الجملة وإن لم يكن أول على الإطلاق، وبهذا الاعتبار يدخل فى التعريف أنواع الحقائق حتى المشترك الذى علم تأخر وضعه لأنه أول بالنسبة إلى مجازه؛ إلا أنه يشكل بالحقيقة التى لا يكون لها وضع آخر أصلًا لا بالاشتراك ولا بالمجاز، اللهم إلا أن يقال أنه أول بالنسبة إلى وضعه المجازى على طريق الفرض والتقدير ولا يخفى ما فيه.
واعلم أن الآمدى فسر الحقيقة باللفظ المستعمل فيما وضع له أولًا فى اصطلاح التخاطب، وترك المصنف قيد اصطلاح التخاطب بناء على اشتهار أن قيد الحيثية مراد فى تعريف الأمور التى تختلف باختلاف الإضافات والاعتبارات خصوصًا عند تعليق الحكم بالمشتق فصار المعنى أنه اللفظ المستعمل فى الموضوع له من حيث إنه الموضوع له، وظاهر أن المجاز ليس كذلك على المذهب الصحيح وأن مثل إطلاق الوضع على الموضوع له شائع فى كلام المصنف فما ذكره الشارح من أنه لو أريد