قال:(مسألة: من أخر مع ظن الموت قبل الفعل عصى اتفاقًا فإن لم يمت ثم فعله فى وقته فالجمهور أداء، وقال القاضى: إنه قضاء فإن أراد وجوب نية القضاء فبعيد ويلزمه لو اعتقد انقضاء الوقت قبل الوقت يعصى بالتأخير ومن أخر مع ظن السلامة فمات فجأة فالتحقيق لا يعصى بخلاف ما وقته العمر).
أقول: هذه رابعة مسائل الوجوب وهى أن من أدرك وقت الفعل وظن الموت فى جزء ما منه وأخر الفعل عنه مع ظنه الموت عصى اتفاقًا فإن لم يمت وفعله بعد ذلك الوقت فى وقته المقدر له شرعًا أولًا فقال الجمهور وهو أداء لصدق حده عليه، وقال القاضى: إنه قضاء لأنه صار وقته شرعًا بحسب ظنه ما قبل ذلك الوقت فهذا وقع بعد وقته ولا خلاف معه فى المعنى إلا أن يريد وجوب نية القضاء وهو بعيد إذ لم يقل به أحد إنما النزاع فى التسمية وتسميته أداء أولى لأنه فعل فى وقته المقدر له شرعًا أولًا وإن عصى بالتأخير كما إذا اعتقد انقضاء الوقت قبل الوقت وأخر فإنه يعصى ثم إذا ظهر خطأ اعتقاده وأوقعه فى الوقت كان أداء اتفاقًا ولا أثر للاعتقاد الذى قد بأن خطؤه فكذا ههنا هذا فيمن أخر مع ظن الموت وسلم وأما عكسه وهو من أخر مع ظن السلامة ومات فجأة فالتحقيق أنه لا يعصى لأن التأخير جائز له ولا تأثيم بالجائز. ولا يقال شرط الجواز سلامة العاقبة إذ لا يمكن العلم بها فيؤدى إلى تكليف المحال وهذا بخلاف ما وقته العمر فإنه لو أخر ومات عصى وإلا لم يتحقق الوجوب.
قوله:(وقال القاضى إنه قضاء) قال الآمدى الأصل بقاء جميع الوقت وقتًا للأداء كما كان ولا يلزم من جعل ظن المكلف موجبًا للعصيان بالتأخير مخالفة هذا الأصل وتضييق الوقت بمعنى أنه إذا بقى بعد ذلك الوقت كان فعل الواجب فيه قضاء، ولهذا لا يلزم من عصيان المكلف بتأخير الواجب الموسع عن أوّل الوقت من غير عزم عند القاضى أن يكون فعل الواجب بعد ذلك فى الوقت قضاء ثم قال وهو فى غاية الاتجاه ورد بالفرق لأنه لم يلزم كونه قضاء ههنا؛ لأن الوقت لم يصر مضيقًا بالنسبة إلى ظنه ههنا بخلافه ثمة نعم لو كان كونه قضاء مبنيًا على أن العصيان ينافى الأداء لاتجه ما ذكره وأما قوله ويلزمه معناه أنه يلزم القاضى أن يكون فعل الواجب فى وقته قضاء فيما إذا اعتقد قبل دخول وقت الظهر أن الوقت